&موناليزا فريحة

&
من قاعدة اللواء 52 التي انتزعتها المعارضة السورية من النظام مطلع حزيران، انطلقت اليوم "عاصفة الجنوب". عاصفة هدفها الاول تحرير ما تبقى من محافظة درعا تحت سيطرة النظام ، وتحديداً درعا والمحطة.أما هدفها الاول والاخير فهو العاصمة دمشق.هدف يمثل التحدي الاصعب نظرا الى التعزيزات التي استقدمها النظام الى المنطقة منذ بدء النزاع السوري.
منذ فجر اليوم ، تدور في مدينة درعا اشتباكات عنيفة بين قوات النظام والمسلحين الموالين لها من طرف، وأكثر من 50 فصيلاً مقاتلاً ، بعد هجوم من هذه الفصائل على مواقع لقوات النظام بهدف السيطرة على المدينة بالكامل. حركات اسلامية عدة، أبرزها "حركة المثنى" الاسلامية و"حركة احرار الشام" و"جبهة النصرة" (تنظيم القاعدة في بلاد الشام)، أعلنت مشاركتها في الهجوم، لكن الناطق باسم "الجبهة الجنوبية" عصام الريس أوضح أن 70 في المئة من المقاتلين الذين ينفذون الهجوم هو من الجبهة، وأن"أحرار الشام" تقاتل الى جانبهم، "الا أن جبهة النصرة تهاجم من جهة أخرى بأعداد صغيرة".
ضياء الحريري مدير المكتب الاعلامي للفيلق الأول، احد ابرز مكونات "الجبهة الجنوبية" أفاد ان الهجوم يهدف الى "تحرير درعا، مركز المحافظة"، وان الفصائل المقاتلة هي تلك المنضوية في اطار الجبهة الجنوبية مع "جبهة النصرة "و"حركة المثنى" و"حركة احرار الشام"، مضيفا أنه "تم قطع طريق الامداد الوحيد الذي يربط المحافظة بمواقع النظام في المدينة ويصل اليها من حي البانوراما في الجهة الجنوبية بالنار التي يطلقها المعارضون.
وبدوره، أقر مصدر امني سوري رسمي ل"وكالة الصحافة الفرنسية" بان "مسلحين حاولوا الهجوم على نقاط عسكرية عدة في درعا، ظناً منهم ان ذلك كفيل تشتيت قدرات الجيش، لكن القوات السورية المتواجدة كانت متيقظة واجهضت هذه المحاولات"، مضيفاً ان "الجبهة الجنوبية ساخنة والمعارك تتنقل فيها شمالا وجنوبا غربا وشرقا".
وتضم مدينة درعا المراكز الأساسية للنظام الذي تتمركز قواته حالياً في المربع الأمني في منطقة درعا المحطة، والذي يضم أربعة أحياء، هي حي المطار، وحي الصحاري، وحي المحطة المركزي، وحي شمال الخط.وفيها ايضاً فرع الأمن العسكري، والأمن السياسي ومبنى الحزب، واللواء 132 مدرعات، إضافة إلى مدينة الباسل الرياضية التي اتخذ منها النظام مركزاً لإدارة عملياته العسكرية في محافظة درعا.
وحالياً، يسيطر مقاتلو المعارضة على نحو سبعين في المئة من المحافظة وعلى الجزء الاكبر من المدينة التي شهدت اولى الاحتجاجات ضد نظام الرئيس بشار الاسد في منتصف اذار 2011. وأخيرا أحرزت "الجبهة الجنوبية" نجاحات هامة في المنطقة ، وتحديدا بسيطرتها مطلع حزيران على قاعدة اللواء 52 في الريف الشمالي الشرقي لدرعا والتي فتحت الطريق الى درعا المدينة حيث تقاتل حالياً، وذلك بعدما نجحت في اواخر آذار ومطلع نيسان في طرد قوات النظام من مدن كبرى في المحافظة ومراكز عسكرية والمنطقة الحدودية مع الاردن.
في المبدأ، يمثل سقوط محتمل لدرعا في يد ل"الجبهة الجنوبية" دعماً قوياً للمعارضة، وخسارة كبيرة أخرى للنظام السوري، ويفتح الطريق أكثر في اتجاه العاصمة دمشق.ولئن لا يستبعد الباحث الزائر في معهد "بروكينغز الدوحة" تشارلز ليستر سقوط درعا في الايام أو الاسابيع المقبلة، يرى أن مواصلة التقدم شمالا سيكون أكثر صعوبة بعدما عزز النظام مواقعه منذ أربع سنوات، لافتاً الى أن الصنمين تشكل مثالاً أساسياً.
ومدينة الصنمين هي نقطة تقع على قاعدة ركوب بين محور درعا دمشق ومحور القنيطرة دمشق ، وقد حاول الثوار التقدم في اتجاهها مراراً ، الا أن التحصينات الضخمة لقوات النظام حالت دون ذلك.

& في موازاة الاهمية الاستراتيجية للمعركة، تمثل "عاصفة الجنوب" اختباراً لتحالف "الجبهة الجنوبية" الهادف الى اثبات نفسه البديل الوحيد غير الاسلامي لنظام الرئيس بشار الاسد والذي يواجه مخاوف مستمرة من الدول الغربية التي تدعي دعمه، من تمدد "الدولة الاسلامية".
يضم تحالف "الجبهة الجنوبية" نحو 54 فصيلا تتراوح انتماءاتهم بين العلمانيين والاسلاميين المعتدلين، وهي التجمع المعارض الوحيد غير الاسلامي الذي يسيطر على أجزاء واسعة من سوريا، تمتد جنوبا من الحدود مع الاردن الى مرتفعات الجولان، مع جيوب صغيرة في العاصمة دمشق.ومع أنه لم يسجل النجاحات التي عرفتها مجموعات معارضة أخرى، تميز بقدرته على الحفاظ على الاراضي التي سيطر عليها.
ومع ذلك، لطالما ترددت الدول الغربية، وتحديدا واشنطن، التي تعتبر أنها الداعم لهذا التحالف،في مده بالاسلحة المتطورة والتمويل الذي يحتاج اليه لتنفيذ هجوم واسع على نظام الاسد في دمشق.
وتنقل "الفايننانشال تايمس" عن ديبلوماسي غربي أن "واشنطن خائفة مما سيعنيه سقوط دمشق...هي قلقة من الا يملا الفراغ أحد الا الدولة الاسلامية".
وفي رأي محللين أنه من دون مزيد من الدعم، لن تتمكن "الجبهة الجنوبية" التي تعد نحو 35 الف عنصر من الاحتفاظ بزخم بمواجهة التهديدات المشتركة من قوات الاسد و"داعش" و"جبهة النصرة".
وفي هذا الشأن، يقول المحلل في "مجموعة الازمات الدولية" نواه بونسي إن "ضمن قدرات الداعمين مساعدة (الجبهة الجنوبية) على فرض السيطرة على الارض ...انه أمر جيد ما دام يوفر فرصة لتعزيز قوات المعارضة المعتدلة".
وفي اطار سعيها الى الحصول على مزيد من الدعم، حاولت "الجبهة الجنوبية" النأي بنفسها عن "جبهة النصرة" ، وهي خطوة هددت بتعكير العلاقة مع بعض المقاتلين الذين يريدون المحافظة على العلاقة مع الفرع السوري لتنظيم "القاعدة".وهي تواجه ضغوطاً أيضاً في عقر دارها.فالاسلاميون الذين اكتسبوا زخما بعد الانتصارات التي حققها في شمال البلاد، يصعدون نشاطهم للسيطرة على الجنوب. وقد أعلن تحالفان، بمن فيهما "جيش الفتح" الذي حقق آخر انجازاته في ادلب، انشاء فرعين لهما في المنطقة.

&