مشاري الذايدي

المواقع والنوايا تجاه سوريا تتضح أكثر فأكثر.
روسيا، التي تقدم نفسها حامية المسيحيين، والأقليات في المشرق، تقتحم المشهد السوري بفجاجة وجلافة، ضاربة عرض الحائط بـ«قلق» أميركا، وريبة أوروبا.


القوات والضباط والقطع البحرية الروسية مسخّرة لخدمة النظام الأسدي، والجسر الجوي الروسي يشق الأجواء، وإن أغلقت سماء اليونان أو البرتغال، فهناك سماوات إيران والعراق، وغيرهما.


الكلمة السحرية في هذا كله هي محاربة «داعش» والإرهاب الراديكالي، فليس هناك نافذة ينظر منها للحريق السوري إلا نافذة «داعش»، أليس هذا هو لب الحركة الأميركية «الحقيقية» في سوريا.
يقول أوباما كثيرًا، ومثله جون كيري، إنه لا مكان لبشار الأسد في مستقبل سوريا، ولكن لا يوجد أفعال وحركة على الأرض تترجم هذه الكلمات إلى وقائع.


بالعكس من ذلك، نجد بوتين تسبق أفعاله كلماته، وهو صريح في إسناد نظام الأسد، وها هو وزير خارجيته العبوس سيرغي لافروف يقول عن الإمداد الروسي لبشار، خلال مؤتمر صحافي مشترك مع نظيره المنغولي، أمس الجمعة، إن موسكو تدعو التحالف الدولي المناهض لتنظيم داعش إلى إطلاق تعاون مع دمشق والجيش السوري. شارحًا بكل وضوح روسي: «من المستحيل إلحاق الهزيمة بـ(داعش) عن طريق الضربات الجوية وحدها، بل يجب أيضًا إقامة تعاون مع القوات البرية، أما القوة الأكثر فعالية وقدرة لمواجهة (داعش) فهي الجيش السوري. ونحن ما زلنا ندعو أعضاء التحالف إلى بدء التعاون مع الحكومة السورية والجيش السوري».


الأظرف هو تشديد لافروف على أن روسيا تدعم ليس نظام بشار الأسد، بل الجهود التي تبذلها دمشق من أجل مكافحة الإرهاب. لغز، أليس كذلك؟!
ثم يفضح حديث الأوروبيين خلف الكواليس عن الموقف من الأزمة السورية وهو - كما زعم - أن الكثير من الدول الأوروبية بدأت تدرك أن موقف التحالف من التعاون مع دمشق يعد ضارًا، كما أنها ترى ضرورة تحديد الأولويات في مكافحة الإرهاب. وأكد: «إذا كانت الأولوية تتعلق بمكافحة الإرهاب، فعلينا أن نترك الاعتبارات الظرفية مثل تغيير النظام في سوريا جانبًا».
هل هناك صراحة أوضح من هذه؟
كل هذه التدخلات تجعل المواجهات ذات طابع ديني، تستحضر مصائب التاريخ، وحكايات إيفان الرهيب والحروب الروسية الدينية.


وحتى يزيد الحريق، ها هي إيران تقدم دعمها الجوي للحركة الروسية، ويقول موفق الربيعي، العضو الشيعي في برلمان العراق، ومستشار الأمن سابقًا، إن العراق سيرحب بفتح أجوائه أمام الروس باتجاه سوريا.
وبعد ذلك كله يسأل أوباما وقادة الغرب: من أين يأتي التعصب السني؟!