&نظام الأسد خرج من اللعبة والتفاوض بعد الآن مع بوتين والمعدات العسكرية الضخمة هدفها بناء جيش نظامي جديد


الأردن يراقب عن كثب الاختراق الروسي لجارته سوريا وقراءات السيناريو الأخير


بسام البدارين

&تجري غرفة القرار الأردنية تقييمات عميقة للوضع الميداني في سوريا، خصوصا في ظل تحول البلاد المجاورة لقاعدة عسكرية روسية بالتدريج.

ويرى مسؤولون في عمان، على علم بالتطورات الميدانية ويراقبونها عن كثب، أن نمو المساحة الروسية العسكرية في سوريا يعني نمو مشروع سياسي بالتوازي، يتوافق عليه أقطاب القوة في العالم والمنطقة.
تأمل عمان كغيرها من العواصم العربية بأن تكون قريبة من الطاولة في الحد الأدنى، عندما تضع القوة العسكرية أساسا للمعالجة السياسية أوالتسوية الشاملة في سوريا.
لكن عواصم العرب في أبعد نقطة عن مسار الأحداث، فالقاهرة مشغولة تماما بحساباتها وأوضاعها الداخلية ومسلسل «تحجيم» حركة «حماس» وإضعافها والرياض وعواصم الخليج بدأت تقترب من مفاصل مهمة عسكريا في حسم الملف اليمني الشائك والمعقد.
في الوقت نفسه، دمشق وبغداد في نطاق التأثر وليس التأثير والعاهل الأردني الملك عبدالله الثاني كان قد تنبأ قبل نحو ثلاثة أسابيع بآفاق جديدة لمشروع سياسي يحسم الصراع في سوريا، وإن كانت عمان تجد في التصدي الجدي لـ»تنظيم الدولة» من قبل القوات الروسية مسألة لا يمكن إسقاطها من الحساب عندما يتعلق الأمر برؤية ورصد جنود القوات الخاصة الروسية مدججين بالسلاح في مساحة جغرافية لا تقل عن ساعتين برا بالقرب من شمال الأردن.
وجهة نظر الحكومة الأردنية خلف الأضواء تؤشر على ان وجود قوات روسية في سوريا، بعيدا عن الدلالات السياسية، يثبت القناعة الأردنية القديمة بأن بنية وهيكل القوات المسلحة الروسية بيد نقطة الاستحكام الروسية أصلا.
بالنسبة لأوساط عمان السياسية فوائد التواجد العسكري الروسي لا تقف عند حدود تصفية ومواجهة «تنظيم الدولة» الذي يعتبره الأردنيون العدو الأول لهم، ولكنها تصل لمسافات أعمق أخرى من بينها وأبرزها الاستغناء عن جهود «قوات مريبة» من الميليشيات العسكرية تتبع «حزب الله» اللبناني أو الحرس الجمهوري الإيراني، خصوصا بعدما ظهرت هذه القوات في محيط درعا القريبة والملاصقة للحدود مع الأردن.
بالنسبة للأردن، روسيا ليست دولة حليفة جدا ووجود قواتها في سوريا يعقد الأمور مع الإدارة الأمريكية، لكن موسكو تحاول توفير ملاذات للاستراتيجية الأردنية، وهي تقترح بناء تحالف دولي جديد ضد تنظيم «الدولة» تشارك به عمان وتركيا.
حصل الأردنيون على وعد ضمني بأن مصالحهم لن تتضرر من العمليات العسكرية الروسية الوشيكة.


وهو وعد يكفي برأي مراقبين لبناء نمط من الاتصالات مع الروس، خصوصا بعدما التقى الملك عبدالله الثاني الرئيس فلاديمير بوتين مؤخرا، لكنه في الوقت نفسه وعد مربك لأن البوصلة الأمريكية ما زالت غامضة في السياق ولا دلالات مباشرة عليها. فوق ذلك تقررت، في مجلس الأمن القومي الأردني بعد تقييم ودراسة الوضع، إمكانية التعاون أمنيا واستخباريا مع الروس ووضع قاعدة المعلومات الأردنية المهمة عن هيكلية «تنظيم الدولة» بين أيديهم، إذا كانت خطوة من هذا النوع يمكن ان تؤسس لدور سياسي وإقليمي أردني أو لاحترام روسي للمصالح والمخاوف الأردنية، لكن هذه الخطوة حساسة إلى حد ما وتترقب الضوء الأخضر، ويمكن ان تندفع إذا ما وافق الأمريكيون على الجهد الروسي ضد «تنظيم الدولة».
حسبة أخرى في عمق المطبخ السياسي الأردني برزت مؤخرا، عندما تعلق الأمر بمراقبة الاختراق الروسي القوي للأرض السورية، فوجهة نظر مسؤولين أردنيين ان كثافة الوجود العسكري والتسليحي الروسي يعني عمليا ان النظام السوري الحالي، برئاسة بشار الأسد، لم يعد موجودا وأنه انتهى أو شارف على الانتهاء. وبالتالي تدخل روسيا عسكريا حفاظا على مصالحها الحيوية في الساحل الروسي وحصتها من الكعكة، كما قال سفير بارز في الأردن لـ «القدس العربي».
وفيما تعلم عمان بأن موسكو تشرف على «إعادة بناء وهيكلة الجيش السوري النظامي» في ضوء المستجدات تصبح من نافلة القول الإشارة إلى ان سوريا بصدد بناء جيش جديد وأن المفاوضات بالشأن الروسي بعد الآن لن تكون مع نظام الأسد، حتى إن تمت عبره، بل مع بوتين وجماعته، الأمر الذي يعتبر أساسا في تفسيرعبارة وزير الخارجية السوري وليد المعلم عن «مفاجآت».

&