ثريا شاهين


المواقف الأميركية والغربية كما الروسية بدت لافتة في شأن سوريا. فهي متقاربة في مسائل معينة، ومتباعدة في مسائل أخرى.

لكن مصادر ديبلوماسية قريبة من موسكو تكشف أن روسيا عززت أخيراً تواجدها العسكري في كل من اللاذقية وطرطوس في سوريا، إنما ليس بالقدر الذي تتهمها فيه الولايات المتحدة والدول الغربية، بأن تعزيزاتها كانت بالغة في التوسع. والهدف من هذا التواجد هو إرسال رسائل الى المجتمع الدولي حول أن أي حل في سوريا لن يكون بمعزل عن الروس. انها الرسالة الأهم لدى موسكو، نظراً الى أن تجربة ليبيا التي تستعيدها روسيا في هذا المجال مجدداً، لم تكن مشجعة بالنسبة إليها. إذ باتت روسيا خارج اللعبة، وجرى استغلال لموقفها الممتنع عن التصويت على قرار مجلس الأمن آنذاك حول ليبيا، الى أن تم وضعها خارجاً. وموسكو ليست مستعدة الآن لأن تخسر القاعدة الوحيدة لها في الشرق الأوسط مثلما خسرت ليبيا.

وتوضح المصادر أن هناك تنسيقاً بين واشنطن وموسكو بشكل غير علني بالنسبة الى الوضع السوري، وهذا بدأ في أيار الماضي عندما التقى وزير الخارجية الأميركي جون كيري الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في سوتشي.

هناك مصالح أميركية روسية تتقاطع بالنسبة الى الوضع السوري، في مقدمها محاربة الارهاب. وبعدما دعمت دول اقليمية عدة «داعش»، تراجعت الآن وتراجع معها الغرب، بعدما خرج هذا التنظيم عن حجمه والطريق المرسوم أصلاً له.

ثم هناك موضوع تدفق اللاجئين السوريين الذي بدأ يزعج الأوروبيين، إذ يدركون تماماً أن الروس يمسكون بخيوط اللعبة في سوريا، فالمعارضة تأتي الى روسيا والنظام يأتي بالطبع إليها. والأميركيون يدعمون الدور الروسي في ايجاد حل لسوريا.

التصعيد في سوريا والدور الروسي فيه، قد يكون بداية، أو مقدمة لحل ما، وفقاً للمصادر، وبالتالي يتم اللجوء الى هذا الأسلوب، والتصريحات الأميركية حول الدور الروسي متناقضة، فمرة تهاجم واشنطن موسكو، ومرة أخرى تعلن التعاون معها.

وتشير المصادر الى أن هناك تقارباً غربياً روسياً بالنسبة الى مصير الأسد، فالروس يقولون ان المرحلة الحالية تقتضي دوراً للأسد أي في المرحلة الانتقالية، انما لا يقولون ان هناك شرطاً لديهم بأن يبقى في المستقبل. وتعتبر روسيا ان الأفرقاء السوريين يبحثون في مصير النظام ويقررون مصير سوريا، وما يتفق عليه السوريون تؤيده روسيا. وتصريح الوزير كيري الأخير ثم التصريحات الفرنسية والألمانية والتركية حول بقاء الأسد في المرحلة الانتقالية قريب من وجهة النظر الروسية، باستثناء السعودية، الأردن ومصر والعرب فهم لا يضعون أولوية خروج الأسد من السلطة فوراً، وهم متفقون مع روسيا حول تحركها، وهذا ما يتبين بعد الزيارات الرفيعة المستوى الأردنية والمصرية الى موسكو أخيراً. الأولوية لمعظم الدول هي مكافحة الارهاب وهذا يتناغم مع الأولوية الروسية.

تعتبر روسيا أن مكافحة الارهاب تأتي أولاً ثم يتم النظر بمصير الأسد، أي أن الارهاب قبل البحث في مستقبل النظام. وسيلقي الرئيس الروسي بوتين كلمة بلاده أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة غداً الاثنين، وهناك اهتمام خاص بما سيقوله. كما أن هناك احتمالاً كبيراً أن يلتقي نظيره الأميركي باراك أوباما في نيويورك، حيث سيتم بحث موضوعي سوريا وأوكرانيا، بالإضافة الى أزمات أخرى.

ما توحي به التصاريح الأميركية، والروسية وما ينتشر حولها، ليس واقعياً، بل على العكس، تفيد المصادر، بأن هناك دعماً أميركياً لدور روسيا في ايجاد حل للأزمة السورية، وتنسيقاً مستمراً حول تفاصيل متنوعة. وهذا لا يلغي وجود نقاط خلافية يتم العمل لإيجاد مخارج لها، الارهاب بات أولوية دولية اقليمية قبل مصير النظام السوري. وهناك كلام شبه متفق حوله بأن الأسد يبقى في المرحلة الانتقالية من دون صلاحيات مهمة، على أن يتم الاتفاق بعدها على مصيره.

أكثرية الدول الأوروبية وغير الأوروبية لا مانع لديها في هذا الطرح حول المرحلة الانتقالية، تمهيداً لإنهاء الأزمة السورية ومنع تدفق اللاجئين إليها من سوريا.