&&&عبدالمحسن يوسف جمال

&

حين اطلقت وزيرة الخارجية الاميركية السابقة الدكتورة كونداليزا رايس مقولتها المعروفة اثناء حرب اسرائيل على لبنان في تموز 2006 «نريد شرق اوسط جديدا»، هل كانت تتصور ان خططها ستعيد الشرق الاوسط الى ما قبل مقولتها التي لم تتحقق بسبب الفشل الاسرائيلي والتردد الاميركي، فضلا عن دموية ربيعهم العربي.

الشرق الاوسط، الذي يحتوي تنوعا كبيرا من الديانات والمذاهب والاعراق واللغات والاصول، يشهد اليوم تغيرا ملحوظا في موازين القوى والاصطفافات السياسية، مما شوه التسامح الديني والقبول التعددي والرحابة الفكرية التي انعكست على تآخي اهله خاصة في العراق وبلاد الشام، فضلا عن شعب الخليج.

لم تكن كونداليزا رايس تتوقع انها هيأت بمقولتها تلك موضع قدم لروسيا، التي اضحت احد ساكني الشرق الاوسط والمرحب بها بقوة من بعض دول المنطقة، بينما تفكر اميركا بمغادرتها رويدا رويدا.

في شرق اوسط «كونداليزا رايس» تدعو اميركا كل الدول «الاعداء» ليقفوا معها ضد تنظيم الدولة الاسلامية (داعش) الذي اولدته اخطاؤها المتكررة في المنطقة.

اما ديموقراطية الشرق الاوسط الجديد فما زالت وهما لشعوبه، حيث فضل الملايين منهم مغادرته الى دول الغرب.

شرق اوسط «رايس» خلق صراعا اثنيا ودينيا لم يكن موجودا، وقتلا على الهوية لم يكن معروفا، وتشريدا لاقليات كانت تعيش بأمن وسلام.

اصبح الصراع بين الاخوة من الشعب الواحد امرا مألوفا، وتهجير الاهالي قضية فاضحة، وانتهاكات حقوق الانسان مسألة تؤرق المهتمين بهذا الشأن.

اميركا اليوم تتراجع عن اسقاط الانظمة العربية التي كان يستهدفها الشرق الاوسط الجديد، وتدعو اصدقاءها الى التمسك بالقديم والحفاظ على ما هو موجود للتكاتف والتعاون في محاربة الارهاب والمتمثل بداعش الذي اصبح بين ليلة وضحاها الخطر الحقيقي على العالم كله.

كل ذلك يفسر تأنيب الضمير، الذي ترجمه الرئيس الاميركي بالتنازل عن السقف السياسي المرتفع الذي كان يطالب به لتغيير الوضع في سوريا الى القبول بالامر الواقع الذي ترسخ بالدم والضحايا وخراب المدن وتشريد اهلها.

والعمل مع الجميع لاعادة السلام والامن الى بلد كان مثالا لتآخي الاديان، ومركزا لكنيسة الشرق، واحد مراكز القرار العربي، وذا اقتصاد غير مدين لأحد.

ولعل الرؤية العالمية الجديدة ستعيد الامان الى كل المحيط العربي، بدلا من صراع ينهك اهله.