إريكا سولومون من زلكان (شمالي العراق)

علم العراق بالألوان الأحمر والأسود والأبيض على ذراع، وشعار الشمس المُشرقة لمنطقة كردستان شبه المستقلة على الذراع الأخرى، لكن العلم غير الموجود على أزياء "حرس نينوى"، أحد القوى الكثيرة المتنافرة التي تُقاتل "داعش" في شمال العراق، قد يكون الأكثر تأثيرا على الإطلاق.

إنه علم تركيا التي يمكن أن يعمل دعمها لهذه الجماعة وإصرارها على أن يكون لها دور في شمال العراق الغني بالموارد، على جعل ساحة قتال حتى بعد طرد الدواعش.

"الحرس" قوة تضم نحو 2500 مقاتل غالبيتهم من العرب السنة من محافظة نينوى والموصل، عاصمتها الإقليمية، مدربون ومدعومون من تركيا – التي أثار وجودها في منطقة كردستان العراق القريبة ومطالبتها بدور أكبر في معركة الموصل توترات مع بغداد. تُصر بغداد على أن تركيا لا ينبغي أن تلعب أي دور في الموصل التي سيطرت عليها "داعش" عندما اجتاح المسلحون شمال العراق في عام 2014. بالنسبة للمتشددين في الحكومة هذا يعني أن الجماعات مثل الحرس لا ينبغي أن يُسمح لهم أيضا – وهو مطلب يرفضه الحرس.

يقول اللواء سعدي العبيدي، قائد منطقة زلكان الواقعة على بُعد 20 كيلو مترا شمال شرق الموصل، حيث يوجد 500 جندي تركي يشرفون على التدريب: "الذين سيُسيطرون على هذه الأرض هم سكان المقاطعة. سيدافعون عن بعضهم بعضا - الغرباء لن يأتوا للدفاع عنهم. هذه أرضهم ومدينتهم، ما حدث في عام 2014 لن يتكرر".

اهتمام تركيا بنينوى، واحتمال أن تتحول المحافظة إلى بؤرة صراع، يستندان إلى التاريخ، والموقع، والموارد في المنطقة. باعتبارها كانت جزءا من الإمبراطورية العثمانية، ترى أنقرة أن الموصل جزء من مجال نفوذها التاريخي. كذلك تخشى تركيا أن تستخدم ميليشيات كردية، خاضت معها أنقرة حربا مضى عليها ثلاثة عقود في شمال شرقي تركيا، منطقة سنجار في نينوى للارتباط مع الأكراد السوريين.

نينوى الغنية بالنفط ومورد الحبوب الرئيس في العراق، جذبت أيضا اهتمام القوى الإقليمية والمحلية الحريصة على بسط نفوذها في المنطقة. هذا يجعل الصراعات في المحافظة معقدة على نحو خاص، لأنها موطن المزيج الديني والعِرقي الأكثر تنوعا في العراق، مع شبكة معقدة من الميليشيات.

هذا الخليط من المصالح المتنافسة جعل عملية استعادة الموصل تتعلّق بالتنافس على السيطرة في المستقبل بقدر ما تتعلّق بالاتحاد لمحاربة عدو مشترك. يقول كيرك سويل، الناشر لمجلة "داخل السياسة العراقية" Inside Iraqi Politics: "إنها واحدة من تلك القصص التي لن تنتهي بشكل جيد. الوضع لا يُمكن التنبؤ به تماما".

بالقرب من مخيم زلكان، مجموعة من المتدربين - من الطلاب الشباب الهزيلين إلى الرجال الكبار النحيلين أقوياء العضلات - تتدرب على تطهير كل منزل على حدة في قرية مهجورة مجاورة. يجتاحون الغرف بعد أن يصرخ القائد "قنبلة!" في الوقت الذي يُقلّد فيه رمي قنبلة يدوية.

يقول اللواء العبيدي، الواقف أمام خريطة كبيرة لنينوى مع أضواء حمراء وزرقاء تُميّز الطرق والأنهار ودمى على شكل جنود تُشير إلى المواقع العسكرية، إن الحرس قد يحشد ما يصل إلى خمسة آلاف جندي بمجرد أن ينتهي التدريب.

لكن معركة الموصل تعد لعبة خطيرة في منطقة تمزقها الانتماءات الدينية والطائفية. بعض المسيحيين يقاتلون "داعش" مع بغداد، بينما آخرون يقاتلون إلى جانب قوات البشمركة الكردية. التركمان الشيعة يرتبطون مع القوات الشيعية شبه العسكرية المدعومة من إيران، في حين أن أفراد الأقلية الإيزيدية لديهم علاقات مع كل مجموعة تقريبا - بما في ذلك عدو تركيا منذ فترة طويلة، حزب العمال الكردستاني. حيدر العبادي، رئيس الوزراء العراقي، يصرّ على أن تركيا يجب أن تبقى خارج الموصل. من خلال تصعيد الخطاب أخيرا، قال إنه لا يسعى إلى حرب مع أنقرة بسبب محاولاتها ممارسة النفوذ، إلا أنه "مستعد لذلك".

التوتر بين تركيا والعراق ناشئ عن دعم بغداد للجماعات التابعة لحزب العمال الكردستاني في سنجار. ويرى بعض المحللين في هذا خطوة واقعية من جانب بغداد لتخفيف الضغط على قواتها، لكن النقاد يرون أنها مؤامرة من إيران لممارسة النفوذ عبر وكلائها الأكراد. أثيل النجيفي، مُحافظ نينوى السابق المنفي ومؤسس "الحرس"، تعهد بعدم السماح لقواته بأن تُصبح أداة لأي بلد. لكن هذا يُمكن أن يكون أمرا صعبا على مقاتليه، الذين يقاتلون حاليا إلى جانب الجيش العراقي في المنطقة الواقعة شمال غرب الموصل، حتى في الوقت الذي يخوض فيه العراق وتركيا حربا كلامية.

العبادي نفسه يواجه ضغطا من منافسيه الشيعة، مثل رئيس الوزراء السابق، نوري المالكي، للمحافظة على موقف متشدد مع تركيا. وأشار سويل إلى أن المالكي ركز في بعض خطاباته الأخيرة، على الحاجة إلى حماية الموصل من تركيا والأكراد أكثر من مقاتلة "داعش". ومن غير المرجح أن يكون لدى الحرس القدرة على مواجهة الشيعة أو ميليشيات حزب العمال الكردستاني، ما يجعل من الصعب على مؤيديهم الأتراك لعب دور قوي حقيقي في العراق. لكن بعض المسؤولين في العراق يخشون أن ترى أنقرة في الحرس وسيلة لتحدي بغداد، من خلال مساعدة تركيا على الحفاظ على موطئ قدم داخل الموصل. ويُعتقد أن نحو ألفين إلى ثلاثة آلاف جندي تركي موجودون في كردستان العراق. وتستطيع "فاينانشيال تايمز" أن ترى ما لا يقل عن موقعين من مواقع المدفعية التركية على جبل بالقرب من مخيم زلكان، قال مقاتلو البشمركة الأكراد إنهما يدعمانهما بانتظام في المعركة.

ويُمكن أن تستفيد تركيا من الطموحات المحلية لإقامة منطقة تتمتع بالحُكم الذاتي. قرار النجيفي لإعادة تسمية جماعته، بدلا من اسمها السابق "قوة الحشد الوطني"، يوحي بطموح لأن تُصبح حارسا لمنطقة تتمتع بحكم شبه ذاتي، مماثلة لمنطقة كردستان العراق المجاورة.

مشاعر بعض المتدربين، القلقين بشأن استعادة السيطرة على البلدات المحلية والقرى أكثر من قلقهم بشأن صراع القوى الإقليمي، تُشير إلى أن هذه الرؤية قد تكون مشتركة. يقول أحمد، المتدرب الإيزيدي في زلكان: "أنا فعلت هذا من أجل وطني - أتألم لكوني قريبا جدا من الوطن ولا أزال بعيدا جدا". "كان بإمكاني الانضمام إلى قوة أخرى من أجل المال، لكنني أردت أن أكون مع مقاتلين يُقاتلون فقط من أجل نينوى".