ثريا شاهين
بعد فوز دونالد ترامب في الانتخابات الرئاسية الأميركية، ينتظر العالم وقادة المنطقة ما ستكون عليه سياسته الخارجية لما لها من انعكاسات على كافة الملفات المطروحة والأخرى الملتهبة إقليمياً.
وتُفيد مصادر ديبلوماسية واسعة الاطلاع، أنه من الصعب التكهن منذ الآن بأداء ترامب في الرئاسة، إذ إنّ كلامه في الحملة الانتخابية، ومواقفه كمرشح، لن تكون كما هي عندما يتسلم السلطة في العشرين من كانون الثاني المقبل، وبالتالي هناك عوامل عدة ستكون مؤثرة في سياسته وستقولب أداءه لأن ترامب المرشح سيكون مختلفاً عن ترامب الرئيس، لا سيما وأنه على الرغم من مواقفه، إلا أنه لم يطرح برنامجاً متكاملاً في السياسة الخارجية. ويُفترض أيضاً الانتظار لتشكيل ترامب فريق عمل لدرس كافة الملفات، وبعدها تتضح صورة التعاطي مع المسائل، فريق العمل مهم وكذلك التوجيهات والتوصيات التي يقدمها.
في النتيجة، ترامب سيقوم بما تمليه عليه مصلحة الولايات المتحدة، المؤسسات الأميركية ستعمل وتُعد له وستؤثر توجهاتها على أدائه، لأنه لن يعمل من الفراغ. لكن طلعاته غير المحسوبة غير مستبعدة مصالح أي بلد تحددها جغرافيته وموقعه واقتصاده. حتى لو كان التغيير في التكتيك، لكن هناك فارق، كما كان الفارق بين بوش الابن وأوباما في الأداء، وكله من ضمن استراتيجية أميركا التي لا تتغيّر. السؤال كيف تتم ترجمة مصالح الولايات المتحدة في مجال التكتيك؟
فوز ترامب قد يكون جيداً لسوريا ما قد يخلق تفاهمات مع الروس، لأن علاقته بالرئيس الروسي جيدة، خلافاً للعلاقة بين الرئيس الروسي وهيلاري كلينتون.
ترامب يتبع في الأساس مبدأ العزل، أي أنه يحب أن تركز بلاده على الداخل، شرط عدم تعرض مصالحها للخطر خارجياً. وتتوقع المصادر، أن يكون هناك دور أكبر لفرنسا، ولروسيا على المستوى الدولي، مع الإشارة الى أنه عندما يتسلم الجمهوريون الحكم عادة، تصبح الاعتمادات المخصصة للأجهزة المخابراتية أضخم، مع ما يعني ذلك من أبعاد سياسية واستراتيجية.
السبب وراء تلاعب البورصات لدى فوزه يعود الى أن لا خطط واضحة يحملها، لأن البورصات تستقر عندما يكون هناك خطط مستقرة الى الأمام. ولضبط الأمور، قد تعمد الإدارة الأميركية الى رفع الفوائد قليلاً خلال المرحلة الانتقالية، ما قد يؤثر على الدول المُدينة مثل لبنان لناحية فوائد الدين.
الأسئلة، هل يوقف ترامب المساعدات على صعيد الصحة والتي كانت أقرتها إدارة أوباما؟ وما مصير اتفاق التجارة الخارجية، والانفتاح على كوبا، والاتفاق النووي مع إيران، حيث أشار وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف في أول تعليق له على فوز ترامب بأنه يأمل أن لا ينقض هذا الاتفاق.
في كلام ترامب ما قبل الانتخابات، تناقض حيث كان يقول إنه سيضع حدوداً لإيران، لكنه مستعد للتعاون مع النظام السوري والرئيس الروسي فلاديمير بوتين لمكافحة الإرهاب.
جميع المسؤولين الأميركيين يتحدثون ويريدون الاستقرار للبنان ويدعمون المؤسسات، إنما السؤال كيف سيتم التعامل مع «حزب الله» الذي يريده ترامب أن يتموضع في البقاع فقط. وهل سيشكل فريق من المحافظين الجدد مثل اليوت ابرامز وهؤلاء معروفون بتوجهاتهم.
في التكتيك بوش الابن عمل على احتلال أنظمة حفاظاً على استراتيجية الولايات المتحدة. في التكتيك أوباما تراجع وسحب الجيوش من المنطقة وآثر سياسة عدم التورط. فكيف سيكون التكتيك الذي سيعتمده ترامب في إطار الاستراتيجية الأميركية التي لا تتغيّر؟
في النتيجة السياسات الأميركية تُعلن، ومن المستبعد أن تتغير جذرياً في كل سنة. وبالتالي الاستراتيجية الأميركية الكبيرة لا يغيّر فيها أي رئيس أكان جمهورياً أو ديموقراطياً. ما يتغيّر هو التكتيك فقط. وإذا كان الأمر كذلك، فإن الاستراتيجية الأميركية مبنية على محاربة الشيوعية، وتأمين مصالح الولايات المتحدة سياسياً واقتصادياً، ومحاربة الإرهاب، تحت هذه العناوين يعمل أي حزب يفوز في الانتخابات.
التعليقات