سمير عطا الله
يوم الأحد الماضي، 27 نوفمبر (تشرين الثاني)، كتبت عن غياب فيدل كاسترو تحت عنوان «استراحة المحارب». واتصل بي زميل، لا يتصل إلا عندما يضبطني في جريمة موصوفة، أو خطأ موصوف، مبادرًا بالهزء والتشفّي: «شو قصتك؟ شو عامل اليوم؟». لم أجب لأنني كنت مطمئنًا إلى أنني «مش عامل شي اليوم» ولا قبله. ولا.
وعاد يكمل: «كيف سارق عنوان المقال من زاوية قديمة في مجلة (الحوادث)؟ هل تعتقد أن الناس تنسى بهذه السهولة؟». أيضًا لم أجب، ولا، معاذ الله، أقفلت الخط في وجهه، فلما شعرت أنه أفرغ كل ما يفرزه عادة من مسام الفشل، تمنيت له العافية وأقفلت».
غير أنني مَدين بتوضيح للقارئ. أوائل السبعينات، عاد الزميل نبيل خوري من الكويت لكي يتسلم رئاسة تحرير «الحوادث». وذهبت إلى مكتبه مهنئًا، فوجدته كالعادة يفلفش الأوراق أمامه، ثم يقوم إلى النافذة، ثم يعود واضعًا يده على جبينه، دليل حيرة كبرى. وبعد قليل، قال: «صار لي ساعات أبحث عن عنوان». قلت، من أجل أي موضوع؟ قال: «نريد أن نفرد زاوية أسبوعية لا علاقة لها بالسياسة، زاوية يكتب فيها المحرر عن متاعبه وتجاربه بعيدًا عن التفلسف والحاجب المقطب».
كانت لا تزال ملحقة بفندق فينيسيا، دار للسينما تعرض الأفلام المستعادة. وقبل المجيء إلى مكتب نبيل، كنت أشاهد فيلمًا لبريجيت باردو وروبير حسين عنوانه «استراحة المحارب»، لكن لا علاقة له بالحروب والقتال والمحاربين. فقلت لنبيل ما رأيك بعنوان «استراحة المحارب»؟ فهو يطابق الوصف. وكعادته، رحمه الله، قفز فرحًا، وعاش العنوان في المجلة لسنوات طويلة. استراحة اجتذبت القراء - والصحافيين - أكثر من أي مادة أخرى.
بكلام آخر، لست سارق العنوان، بل صاحبه، وإن كانت ملكية العنوان الأساسي للمخرج الفرنسي روجيه فاديم، زوج بريجيت باردو، في ذلك الوقت. وفي هذه المناسبة، اسمحوا لي بتوضيح آخر. فقد عاتبني زميل آخر، بمحبة لا بإفرازات، لأنني استخدمت مصطلح «اللاحروفية» الصينية بدل «الأبجدية».
وشرحت أن اللغة الصينية ليست الأبجدية بالعربية، ولا الألفباء الإفرنجية، بل هي مجموعة مئات «الصور» الأشبه بالهيروغليفية. وبحثت عما أعتقده أقرب تعريف، فوجدت في «اللاحروفية» دلالة سليمة. والله المستعان.
التعليقات