فاتح عبد السلام
ينحدر العراق عن سابق اصرار وترصد ،يوماً فيوماً ،الى مستنقع الدولة اللامدنية ، تحت مسميات شتى يعضدها مجلس النواب بقوانين تستغل الظرفي والطاريء لتجعل منه راسخاً وقاراً في مسار الحياة بالعراق.
انهم لم يقدموا اقناعاً بدليل بسيط لأي مواطن ، حول سبب عدم دعمهم الجيش العراقي كقوة أساسية وحيدة للبلد واختراع قانون لجيش بديل منحوه صفة المقدس وحصّنوه بقانون.
العراق أمام مأزق الهوية التركيبية والاجرائية قبل مأزق العلاقة بين المركز والأطراف والأقاليم والدولة الاتحادية.
هل يحتاج العراق الى قانون العشائر ؟، وما حاجته للقوانين المدنية بعد ذلك ؟، بل ما حاجته للتشدق في الدستور المنهك و المنتهك بأن مصدر التشريع الرئيسي الاسلام.
العشائر في العراق عمق النسيج الاجتماعي ، ويخضع لتنظيم القوانين العراقية السارية منذ تأسيس الدولة ، وكانت هناك ممارسات وتقاليد عشائرية كجزء من التفاهمات والعلاقات الاجتماعية بين الناس لكنها لن تكون بديلاً لقوانين الدولة إلا في حال الفوضى وتفسخ هيكلية الدولة .
هنا مفهوم العشائر يخرج من معناه الاجتماعي السكاني الى معنى سياسي ، وهذا سيحتم تراكيب اجتماعية اخرى لا ترى نفسها ممثلة في هذه الكيانات العشائرية المنتظمة بقانون ، ويمكنها أن تطالب بقانون للبيوتات العراقية المعروفة لاسيما تلك التي تقوم عليها أعمدة المدن الكبرى كبغداد والموصل . وهي حالة ستؤدي أيضاً الى مزيد من التعارض مع مؤسسية الدولة ،
وسوف تأكل بشراهة من جرف الدولة المدنية المتهاوي أصلاً تحت ضربات الأحزاب الدينية الطائفية بكل صنوفها وواجهاتها ،منذ سنوات .
كلام عام انشائي لا يقدم لكنه حتماً يؤخر ، في نص القانون المقدم للبرلمان العراقي ،من مثل أن هذا القانون يساعد في تقديم المشورة العشائرية للدولة وحماية وحدة العراق . وهنا نسأل أين مهمات الدولة ؟ ولماذا تبدو البدائل أقوى من الدولة ؟
كما ينص القانون على اقامة مجالس ادارية وقيادة لمجلس العشائر من أحد عشر عضواً ، ولا ندري كيف ستتم المفاضلة بين العشائر في اختيار الاعضاء ، واذا كان الامر بالانتخاب فتلك مصيبة أخرى تدعو الى تحشيد عشائر ضد عشائر للفوز بالغنيمة . المسألة باتت شبه حكومية ، فالمجالس ترتبط بتمثيل من نوع ما بالدولة ، وهنا إساءة للمفاهيم العشائرية المتوارثة التي كانت تعمل في أنطقتها الاجتماعية من غير تناقض مع الدولة العراقية منذ تأسيسها عام 1921 وحتى تفكيكيها عام 2003.
التعليقات