&&سمير عطا الله&&

يريدنا صانعو الأخبار أن نعتاد فكرة بشعة: فيدرالية سوريا. قبل سنوات قليلة كان الكلام على هذا الأمر جنونًا أو جريمة. لكن الآن تتحدث عنه روسيا الرسمية وكأنه مشروع لا فكرة. ويتصرف الروس والأميركيون في الأشهر الأخيرة، وكأنهما شريكان لا عدوّان. وعلى الجبهات، يحدث ما حدث في العراق من قبل، فيستفيد النظام بعض الذي خسره، ويترك للأكراد ما غنموا. فالأكراد الذين كانوا يطالبون طوال عقود بالجنسية، أصبحوا يطلبون الفيدرالية، وربما ما بعدها.

كان ياسر عرفات يحذر دائمًا من «بلقنة الشرق الأوسط». وكان يردد التحذير بنوع من الشاعرية والجدية معًا. فالبلقان آنذاك، كان قد أصبح من أكثر البقاع هدوءًا في العالم. لكن ما لبثنا أن رأينا حربًا شبه عالمية في قلب أوروبا، أعادت تفتيت يوغوسلافيا وتوزيع البلقان وفقًا لخريطة إثنية وطائفية كما كانت أيام التشلّع.

سوريا هي رمز الوحدة في العالم العربي. عندما تجزأ العراق إلى انفصالات واقعية غير معلنة، لم يخشَ كثيرون أن يتحول ذلك إلى وباء. لكن التجزئة في سوريا عنوان سيئ، بعد حرب داخلية وطاحنة دامت نصف عقد. فالفيدرالية، أو التقسيم المقنع، قد يتحول إلى المزيد من الحروب، بدل أن يتحول إلى سلام يؤدي إلى عودة ملايين السوريين من أفظع تيه عالمي منذ الحرب العالمية الثانية. وقد يكون السلام طويلاً ومعقدًا كما هي الحرب.

فالحرب السورية ليست مثل الحرب اللبنانية، التي انتهت عسكريًا في يوم واحد، ثم الانتقال بعدها إلى الحرب السلمية. ففي سوريا النظام هو الفريق القوي، بعكس النظام اللبناني الذي أصبح مجرد فريق من الأفرقاء. والنظام السوري مدعوم علنًا من روسيا وإيران، على الأرض، في حين تكتفي أميركا بإرسال المدربين إلى بعض المعارضة. فهي تركز جهودها الآن على قضية أكثر عجلة، هي الصومال، وخطر «الشباب» على الوحدة الغالية فيه.

طمنونا عنكم. يطل شبح البلقنة على المنطقة فيما هي ترتج، وفيما يستعد أوباما لتحقيق حلم حياته: زيارة كوبا! وبدل أن يلغي رئيس أميركا لقاءه مع رئيس وزراء إسرائيل، كان نتنياهو هو الذي ألغى. وفي ذلك طبعًا، الكثير من أخلاق نتنياهو. لكن فيه أيضًا الكثير مما أوصلت إليه إدارة أوباما الولايات المتحدة.

&

&

&