&حسين مجدوبي

&

&انضمت اسبانيا إلى فرنسا في محاولة تخفيف الضغط على المغرب في مجلس الأمن خلال بلورة قرار 2285/2016 الخاص بنزاع الصحراء الغربية. وتختلف دوافع مدريد عن باريس، فهي مرتبطة بتنازلات قدمتها الرباط وكذلك بالاستقرار السياسي في هذا البلد المغاربي.

ووجهت جبهة البوليساريو انتقادات قوية إلى اسبانيا، واتهمتها بالانخراط في أطروحة فرنسا التي تؤيد المغرب في مواقفه في الصحراء وأصبحت ناطقة باسم مصالحه في مجلس الأمن. ورغم أن فرنسا لا تعترف بمغربية الصحراء علانية ولا تعتبر الحكم الذاتي هو البديل للإستفتاء، تبقى دعامة رئيسية حتى الوقت الراهن لتفادي فرض أي حل أو إجراءات راديكالية ضد المغرب من طرف مجلس الأمن.

وتقوم فرنسا بهذا الدور لأنها تعتبر المغرب شريكاً هاماً في المغرب العربي والعالم العربي علاوة على فضاء هام لإنتاجها الثقافي الفرنكفوني والصناعي.

في المقابل، تتحكم عوامل مختلفة في اسبانيا في وقوفها النسبي حالياً إلى جانب المغرب. ويوجد عاملان رئيسيان لتفسير موقف مدريد الحالي: ويتجلى الموقف الأول في تفاهم غير معلن بين الرباط ومدريد، تقوم الأولى بتجميد مطالب سبتة ومليلية المحتلتين في الوقت الراهن مقابل تفهم اسباني لموقف المغرب في الصحراء.

وعلاقة بالعامل الأول، كان المغرب قد هدد سنة 2007، تاريخ زيارة الملك السابق خوان كارلوس إلى سبتة ومليلية بجعل هذا الملف في أجندته مستقبلاً. وتعهد الملك محمد السادس ورئيس الحكومة وقتها عباس الفاسي، لكن مع مرور السنوات، غاب الملف نهائياً عن الأجندة المغربية بل حتى في الخطابات الرسمية. ويفسر المغرب الرسمي هذا التحول بأن البلاد لا يمكنها فتح جبهتين: الأولى في الجنوب ضد جبهة البوليساريو والجزائر، والثانية في الشمال ضد اسبانيا المدعومة أوروبياً وغربياً بينما المغرب يفتقد للعمق العربي في ظل تطورات الربيع العربي. ويضيف التفسير أن ملف سبتة ومليلية معقد ويتطلب زمناً طويلاً.

أما العامل الثاني، وهو الأطروحة السائدة وسط الهياكل العميقة للدولة الاسبانية ومفادها أن خسارة المغرب للصحراء قد يطيح بالملكية في هذا البلد وقد يترتب عن هذا الحادث غياب استقرار سيكون «زلزالا» على الأمن القومي الاسباني. وكان السكرتير العام لوزارة الدفاع الاسبانية ألخاندرو ألفاغونثالث قد تحدث خلال أكتوبر الماضي للصحافة الاسبانية عن احتمال سقوط الملكية في المغرب في حالة خسارة الصحراء الغربية وانتشار الفوضى في ظرف 24 ساعة. وتناولت «القدس العربي» هذا التصريح بالتحليل في عدد 15 أكتوبر/تشرين الأول الماضي. وجاءت تصريحاته ضمن الأخطار التي تهدد الأمن القومي الاسباني والأوروبي عموما.

وعمليا، اعتادت فرنسا استحضار الحكم الذاتي خلال الحديث عن الصحراء، وهي التي تدافع عن هذا الطرح في مجلس الأمن، لكن يحدث العكس في حالة اسبانيا. وتعمد مدريد إلى تجنيب المغرب عقوبات أو فرض إجراءات مثل مراقبة حقوق الإنسان من طرف المينورسو، ولكنها لا تدافع عن الحكم الذاتي. وكلما سنحت الفرصة للمسؤولين ومنهم وزير الخارجية مانويل غارسيا مارغايو يبرز تقرير المصير ويتجنب الحكم الذاتي.

وتاريخياً، عندما كادت الولايات المتحدة في عهد الرئيس السابق جورج بوش الإبن أن تذهب في دعم الحكم الذاتي سنة وهو مشروع جيمس بيكر الأول2002، قبل أن يطرحه المغرب رسميا، قام رئيس الحكومة الأسبق خوسي ماريا أثنار بإقناع الرئيس الأمريكي عندما استضافه في منتجع كامب ديفيد في السنة نفسها بالتخلي عن تأيد الحكم الذاتي.

ويوجد سببان وراء الموقف الاسباني الذي يتحفظ على تأييد الحكم الذاتي: الأول وهو وجود رأي عام موال لجبهة البوليساريو، يحول دون قيام أي حكومة بدعم الحكم الذاتي. ومن جانب آخر، وجود تيار قوي وسط هياكل الدولة الاسبانية من جيش واستخبارات ودبلوماسية لا ترغب في مغرب مساحته تضاعف اسبانيا مما يعطيه امتداداً استراتيجياً قوياً.