صلاح الجودر

ليس غريبًا على دول الخليج التصريحات الإيرانية الاستفزازية المتعاقبة، فقد اعتادت دول الخليج تلك التصريحات الاستفزازية سواء من القادة الإيرانيين أنفسهم أو أتباعهم في الحرس الثوري أو الحشد الشعبي في العراق أو حزب الله اللبناني، فهي تصريحات تنم عن عقلية شعوبية مريضة لا تحترم حقوق الجيرة ولا المعاهدات ولا القوانين الدولية.
قبل أيام خرج بعض قادة الحرس الثوري الإيراني ليطلقوا تصريحاتهم الاستفزازية ضد دول مجلس التعاون الخليجي وبالتحديد البحرين واليمن، وقد جاءت تلك التصريحات بعد المجازر التي ارتكبتها قوات بشار الأسد بالتعاون مع الجيش الروسي والحرس الثوري الإيراني ومليشات حزب الله اللبناني وبعض المليشيات العراقية الطائفية، وأبشع تلك التصريحات ما جاء على لسان نائب قائد الحرس الثوري الإيراني (حسين سلامي) لوكالة الأنباء الإيرانية الرسمية (إرنا) حين قال:

 

إن (الانتصار في حلب مقدمة لتحرير البحرين) وأن المشروع الإيراني التوسعي سيمتد إلى البحرين واليمن والموصل بعد سقوط مدينة حلب السورية، وجاءت كذلك تصريحات أكثر وقاحة للمتحدث باسم الحرس الثوري الإيراني (رمضان شريف) لتؤكد على العقلية التوسعية التي تتملك قادة ايران حتى قال: بأن (الانتصار في حلب) يمهد لإيران وما تسميه بالمقاومة (لحل أزمتي اليمن والبحرين)، في محاولة الى مقاربة الأوضاع في البحرين بما يجري هذه الأيام في سوريا والعراق حين دخلتها المليشيات الإيرانية!!.


إن المتابع لتهديدات القادة الإيرانيين يرى بأنها تنطلق مع أي تحرك خليجي لحفظ الأمن والاستقرار بالمنطقة، فحين تم تدشين درع الجزيرة خرجت ايران تهدد وتتوعد، وحين تم إطلاق تمارين (رعد الشمال) خرجت ايران تتوعد، وحين تم تدشين تمارين (أمن الخليج العربي 1) خرجت ايران لتتوعد، وحين تم إبرام الاتفاقية بين البحرين والمملكة المتحدة لإنشاء قاعدة بريطانية بالخليج خرجت ايران تتوعد بريطانيا، واليوم بعد ان شاركت رئيسة وزراء بريطانيا (تيريزا ماي) في أعمال قمة مجلس التعاون في البحرين وأعلنت دعم بلادها لدول الخليج العربية في مواجهة الإرهاب الإيراني خرجت ايران من جديد لتتوعد البحرين واليمن والموصل بما فعلته في حلب العروبة.


لاشك ان هذه التصريحات الاستفزازية وبهذه الفجاجة تستهدف المملكة المتحدة، فموقف المملكة المتحدة اليوم أصبح أكثر وضوحًا مما سبق، وقد تجلى العداء الإيراني ذلك إثر كلمة رئيسة الوزراء البريطانية أمام زعماء دول الخليج العربية في قمة الصخير، فتلك الكلمة الأمر أوجعت وأزعجت القادة الإيرانيين، فقد قالت: (علينا أيضًا أن نعمل معًا للتصدي للأعمال الإقليمية العدوانية لإيران سواء في لبنان أو العراق أو اليمن أو سوريا أو في الخليج ذاته)، وهذه ليست فقط رؤية بريطانيا للمنطقة، ولكنها رؤية كل دول العالم التي هي اليوم في حرب ضد الارهاب، فالعراق وسوريا ولبنان واليمن هي الدول التي تقع تحت سطوة الإرهاب الإيراني، وهي الدول التي تتكاثر فيها الخلايا الإرهابية، لا يختلف اثنان بأن كوادر الجماعات الإرهابية هي من الدول التي تلعب فيها المليشيات الإيرانية الطائفية، فجميع خيوط اللعبة في طهران!!


إن التهديدات الإيرانية الأخيرة ضد الدول العربية تتنافى مع الأعراف الدبلوماسية ومبادئ حسن الجوار وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول، وجميعها مبادئ توافق عليها المجتمع الدولي فجاءت في ميثاق الأمم المتحدة، إن مشاكل إيران الداخلية كافية بإشغال الحكومة عن التدخل في شؤون الغير، لذا عليها إعادة ترتيب بيتها الداخلي ومراجعة مشروعها التوسعي (تصدير الثورة) الذي حملها الميزانيات الضخمة، يجب على النظام الإيراني عدم تهديد دول مجلس التعاون الست، الإمارات والبحرين والسعودية وقطر وعمان والكويت بالاضافة الى اليمن، فالتصريحات الإيرانية العدائية لا تحقق منطقة آمنة مستقرة، بل تجعل حالة من التوتر.


من هنا جاءت دعوة دول مجلس التعاون الى إيران لإعادة النظر في سياستها العدائية في المنطقة، (والتوقف عن تأجيج الطائفية والتحريض المذهبي ودعم جماعات إرهابية ومليشيات انقلابية مسلحة ترتكب أعمالا إرهابية)، وهي دعوة إنسانية راقية قبل أن يلتهب الخليــج العرب الذي تتقاطع فــيه مصالح دول مجلس التعاون مع مصالح الدول الكبرى.