عون يصحّح علاقة لبنان مع دول الخليج بدءاً بالسعودية وقطر و«الجهاد الأكبر» إقناع حزب الله بعدم التعرّض للمملكة وتجنيب البلد الهزّات

سعد الياس

 يستمر العهد الجديد في لبنان في خطواته اللافتة وينطلق هذا الاسبوع في مسار إعادة تصحيح العلاقات اللبنانية العربية وبناء الثقة، ويعود إلى الانفتاح على الدول العربية والخليجية من بوابة المملكة العربية السعودية وقطر مصطحباً معه وفداً وزارياً يمثّل التنوع اللبناني والطائفي ويضم ممثلين عن كل المكوّنات السياسية بإستثناء حزب الله.

وسيضم الوفد الوزاري الذي سيرافق رئيس الجمهورية العماد ميشال عون كلاً من وزير حركة أمل علي حسن خليل ووزير اللقاء الديمقراطي مروان حمادة ووزير تيار المستقبل نهاد المشنوق ووزير القوات اللبنانية ملحم الرياشي ووزير الخارجية رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل ووزير الاقتصاد رائد خوري، وسيكون على جدول البحث تفعيل العلاقات الثنائية وعودة الاستثمارات ورفع الحظر عن سفر السعوديين إلى لبنان وفك أسر الهبة السعودية العسكرية للجيش اللبناني والتي كانت بقيمة 3 مليارات دولار.
وكان الرئيس عون في خطاب القسم أطلق اولى الاشارات الايجابية في اتجاه العالم العربي مؤكداً الالتزام بميثاق الجامعة العربية وبإتفاق الطائف، ثم أبلغ عون موفد العاهل السعودي أمير منطقة مكة خالد الفيصل أن زيارته الاولى إلى الخارج ستكون إلى السعودية فاتحاً بذلك الباب أمام مرحلة جديدة من العلاقات مع المملكة بعد توتر محدود في العلاقة نتيجة المواقف التي اتخذها وزير الخارجية جبران باسيل بعدم الانضمام إلى الاجماع العربي في إدانة سياسات إيران في مواجهة المحور العربي الذي تقوده السعودية.
وإذا كانت زيارة عون إلى المملكة تريح الوسط اللبناني بمجمله عدا حزب الله، فإن رئيس الحكومة سعد الحريري سيغتنم هذه الزيارة للقول للمملكة أنه نجح من خلال التسوية التي عقدها مع عون في جذب رئيس الجمهورية إلى خيار الالتزام بالسياسات العربية وإلى إبرازه رئيساً وسطياً يدرك أن العالم العربي هو بوابة لبنان إلى الخارج وليس من مصلحته أن يكون ضمن أي محور معادٍ للعرب.
وسألت «القدس العربي» نائب الجماعة الإسلامية عماد الحوت عن رأيه في مباشرة رئيس الجمهورية جولاته الخارجية بالسعودية وإذا كانت مدعاة ارتياح فقال «إن لبنان في نص الدستور هو عربي وبالتالي إن الممارسة الخاطئة التي حصلت في فترة سابقة مع بعض الدول العربية من قبل وزارة الخارجية مسايرة لتفاهمات معينة تحتاج إلى ترميم وحسناً يفعل رئيس الجمهورية بترميمها. فلبنان لا يستطيع أن يعيش من دون هذا المحيط العربي انتماء واقتصاداً ودعماً وبالتالي نعم يريحنا جداً أن يبدأ رئيس الجمهورية زياراته الخارجية بجولة عربية وخليجية».
وإذا كان يتوقع أن تنتج هذه الزيارة افراجاً سعودياً عن الهبة العسكرية أجاب «ستكون الزيارة مقدمة تمهيدية لذلك، انما قرار ووقف الهبة لم يكن بهذه الخفة وهو يحتاج إلى ضمانات أكثر من موضوع زيارة. فما حصل مع المملكة في الأشهر التي سبقت انتخاب الرئيس ليس ببسيط، وهي بحاجة إلى ضمانات أن هذا التسليح يذهب إلى الجيش ويبقى عند الجيش، فمثلاً المدرعات التي رأيناها في القصير تطرح أكثر من علامة استفهام وتحتاج إلى توضيحات عن مصدرها، فهل يتخيّل أحد أن هذه غنائم منذ 16 سنة وهل يقنعني أحد أن عمرها أكثر من 12 سنة وما زالت بحالة جيدة. لذلك أظن أن المملكة تحتاج إلى ضمانات أكثر من زيارة للافراج عن المساعدات وأتمنى ذلك في أقرب وقت».
وهل تؤدي الزيارة الرئاسية إلى إعادة رفع الحظر عن سفر الرعايا الخليجيين إلى لبنان قال «من كل بد ولكن مع إعطاء تطمينات أمنية، وعلينا أن ننتبه إلى واقع المطار ومحاولة البعض وضع اليد عليه. فمثل هذا الواقع له تداعيات ولا بد من أن تُرفَع اليد عن المطار».
وأين أصبحت الجهود لفتح مطار ثان يجيب نائب الجماعة الإسلامية «أعتقد من يريد أن يتحكم بالبلد لا مصلحة له بفتح مطار آخر لا قدرة له على التحكم به. فهو متحكم الآن بمطار رفيق الحريري الدولي، أما مطار القيعات بعيد وهذا هو السبب المباشر لعدم السير به».
وسئل الحوت ماذا لو قرر الرئيس عون زيارة إيران وسوريا فقال «إيران ليست دولة عدوة هي دولة مستقرة وفيها نظام ديمقراطي أتى بالانتخابات سواء كنا نتفق أو نختلف معه على مستوى سياسات المنطقة وأن تكون إيران على جدول زيارات رئيس لبنان فهو أمر قد يُفهّم، أما زيارة نظام يمارس عملية القتل المباشر لشعبه فهو سيُعتبَر شراكة مع هذا النظام في الجريمة». 
إذاً فإن بدء جولة الرئيس اللبناني اليوم يعتبر صفحة جديدة ونقلة نوعية في استعادة علاقات لبنان بمحيطه العربي، ولكن يبقى الجهاد الأكبر هو كيفية إقناع حزب الله بعدم استفزاز المملكة ودول الخليج بالخطابات النارية وكيفية الانسحاب من القتال في سوريا وتجنيب لبنان المزيد من الهزات في علاقاته مع العالم العربي.