احمد عياش

ما ستقوله الخارجية الاميركية على طاولة المحادثات حول سوريا في أستانة بكازاخستان هذا الشهر سيكون اول إختبار خارجي لإدارة الرئيس دونالد ترامب. ومما سنسمعه على لسان من سيمثل واشنطن في محادثات استانة سيقطع الشك باليقين في شأن كل ما تردد في الاسابيع الماضية حول عزم الرئيس الخامس والاربعين للولايات المتحدة الاميركية على إحداث تغيير جذري وإيجابي في العلاقات بين البيت الابيض والكرملين، علما أن مسار العلاقات بين إدارة الرئيس الاميركي المنتهية ولايته باراك أوباما وبين الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لم تكن، وعلى مدى الثمانية أعوام التي أمضاها الرئيس أوباما، سيئة لاسيما في الملف السوري. لا بل أن اوباما خرج امس من البيت الابيض وهو متّهم بأنه تسبب بأكبر مأساة في التاريخ الحديث عندما عقد صفقة مع بوتين في أزمة إستخدام رئيس النظام السوري السلاح الكيميائي ما سمح للأخير وحلفائه بتدمير سوريا.


من يتابع سلوك طهران من بيروت الى أستانة يتبيّن ان النظام الايراني يتصرّف وكأنه خرج منتصرا من تورطه في الحرب السورية ومن إمساكه بالورقة اللبنانية منذ رحيل قوات الاسد عن لبنان عام 2005 إثر الانتفاضة العارمة في 14 آذار بعد إستشهاد الرئيس رفيق الحريري. ففي سوريا نجح رهان المرشد الايراني على بقاء الاسد في السلطة، كما نجح رهان ممثل المرشد في لبنان على وصول مرشحه الى رئاسة الجمهورية.


في إيران اليوم، تبدو سلطة ولي الفقيه علي خامنئي في أفضل أيامها. حتى أن موت خصمه رفسنجاني المفاجئ جاء ليعزز هذه السلطة التي كادت أن تتهاوى قبل أعوام في الثورة الخضراء. فمن موقع المنتصر جاء كلام وزير الخارجية الايراني محمد جواد ظريف الاخير في مؤتمر دافوس حول نجاح التفاهم الايراني - السعودي في إنجاز الاستحقاق الرئاسي في لبنان. ومثله كلام أمين المجلس الاعلى للامن القومي الايراني علي شمخاني الذي صاغ شروط طهران بشأن مستقبل سوريا قائلا: "إما أن ترحّب السعودية وتركيا بتقسيم سوريا... وعندها لن يكونا في مأمن من التقسيم ، وإما أن يقفا في وجه هذا المخطط كما تفعل إيران".


على الارض، وبعد أعوام من التورط الايراني المباشر في سوريا وزّج الميليشيات الحليفة في الصراع السوري وفي مقدمها "حزب الله" ارتسمت فعليا خريطة ما يسمى "سوريا المفيدة". فقد تحوّل قسم من سوريا، وبعد التطهير العرقي الذي مارسته إيران وميليشياتها، ذا أقلية سنيّة. وتفيد معلومات أن طهران مصممة على إبقاء عشرات الالاف من قواتها المسلّحة ومن ميليشياتها الحليفة في نطاق هذه الخريطة ولن تتراجع عن هذا الوجود مهما تطورت المحادثات حول سوريا. وما يقال عن حسابات روسية مختلفة فهو ما زال في دائرة التكهنات. ماذا عن لبنان؟ كل المعطيات تفيد ان مشروع ضمّه الى "سوريا المفيدة" جاهز بقوة "حزب الله" التي لا تقف في وجهها أية قوّة أخرى.