عبدالله محمد الشيبة
«إن الاتحاد ما قام إلا تجسيداً عملياً لرغبات وأماني وتطلعات شعب الإمارات الواحد في بناء مجتمع حر كريم يتمتع بالمنعة والعزة، وبناء مستقبل مشرق وضاح ترفرف فوقه راية العدالة والحق، وليكون رائداً ونواة لوحدة عربية شاملة». تلك مقولة المغفور له بإذن الله، الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان -طيب الله ثراه- مؤسس دولة الإمارات العربية المتحدة ومن وضع حجر الأساس لكافة مناحي التنمية والتطور التي نشهدها منذ قيام الدولة حتى الآن. وقد أكد صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة، رئيس مجلس الوزراء، حاكم دبي، على هذا النهج مؤخراً، عندما شهد توقيع مذكرات تفاهم بين منطقة 2071 -التي تمثل مئوية تأسيس الدولة- وعدد من شركاء المستقبل، وقال سموه: «هدفنا أن نجعل دولة الإمارات أكبر مختبر لتصميم المستقبل».
والمراقب لمسيرة الإمارات في السنوات الأخيرة، يلاحظ مدى حرص القيادة على عدم اقتصار رؤية التنمية على المدى القصير أو المتوسط أو الطويل فقط، بل تجاوزته لآفاق المستقبل والشواهد على هذا عديدة. فعندما أعلنت الإمارات عن البدء في تصنيع «خليفة سات»، وهو القمر الصناعي الأول على مستوى العالم العربي الذي يتم تصنيعه بأيدٍ عربية بالكامل على يد المهندسين الإماراتيين، فقد وضعت الإمارات حجر الأساس لصناعة جديدة بالكامل على العالم العربي، وهي الصناعة الفضائية والتي تمثل مستقبل العالم. أضف إلى ذلك تركيز الدولة على قطاعي الصناعة النووية والطاقة المتجددة واللذين يحتلان مساحة كبيرة من التخطيط الاستراتيجي للدول المتقدمة في مجالات التنمية.
وإيماناً بدور التعليم في بناء أجيال المستقبل، أطلقت الدولة «استراتيجية الإمارات لاستشراف المستقبل»، التي تركز على التعليم باعتباره حجر الأساس لكافة خطط واستراتيجيات بناء مستقبل الدولة. وتشمل الاستراتيجية العديد من المحاور والمرتكزات، ولكن أبرزها بناء نماذج مستقبلية في العديد من القطاعات الحيوية منها التعليم، إضافة إلى إنشاء كلية متخصصة لدراسات المستقبل وابتعاث مواطني الدولة لدراسة تخصصات في التخطيط الاستراتيجي. كما سيتم إدراج أساسيات استشراف المستقبل بشكل مبسط في المناهج التعليمية للمدارس وتدريس تخصصات المستقبل في الجامعات الوطنية. ولم تغفل الدولة دور تعاليم الدين الإسلامي الحنيف في تنشئة المواطنين في مواجهة الفكر الإرهابي، وذلك لحماية أبنائنا في المستقبل، فقامت بتجديد الخطاب الديني بما يتفق ووسطية الإسلام، ويكفل في الوقت ذاته ضمان مستقبل آمن ومستقر لأبنائنا.
ولم يقف الأمر عند هذا الحد، بل قامت الإمارات بإنشاء «متحف المستقبل»، الذي سيتيح الفرصة أمام البشرية لتشهد ما سيبلغه شعب الإمارات من دراسة لعلوم المستقبل واستشراف الجيل القادم من التكنولوجيا. ومؤخراً كان إطلاق الإمارات لاستراتيجية الذكاء الاصطناعي الأثر الكبير في ترسيخ دور الدولة كصانع للمستقبل وليس مترقباً له. وتعد هذه الاستراتيجية الأولى من نوعها في المنطقة والعالم، للارتقاء بالأداء الحكومي وتسريع الإنجاز وخلق بيئات عمل مبدعة ومبتكرة ذات إنتاجية عالية، وتعتبر امتداداً للحكومة الإلكترونية والحكومة الذكية، والتي كان للإمارات قصب السبق في الإعلان عنهما في المنطقة. وتركز استراتيجية الإمارات على استثمار أحدث تقنيات وأدوات الذكاء الاصطناعي، وتطبيقها في شتى ميادين العمل، واستثمار كافة الطاقات على النحو الأمثل، واستغلال الموارد والإمكانات البشرية والمادية المتوفرة بطريقة خلاقة، تساهم في بناء البنية التحتية المستقبلية للدولة. وبلغ الأمر ذروته بإنشاء وزارة خاصة للذكاء الاصطناعي وهي الأولى على مستوى المنطقة. وقد أثار هذا كله إعجاب العديد من دول الجوار التي نشر بعض مواطنيها مقالات تبرز مدى إعجابهم بمسيرة الإمارات نحو المستقبل. والخلاصة إن نظرة قيادة الإمارات لا تركز فقط على منح المواطن الأمن والأمان والازدهار فقط في المستقبل، بل والتميز العالمي أيضاً، مما يجعله المواطن الأول على مستوى العالم.
التعليقات