سمر المقرن

 تنشأ مشاعر الكراهية منذ الصغر، هي سلوكيات لا يشعر -بعضهم- إنها كراهية، يرى الطفل والديه يُمارسان هذا السلوك بشكل طبيعي جداً، فيكبر وتكبر معه هذه المشاعر، كما هي كبيرة في صدر والديه وقد تكون منتشرة في مجتمعه. لا يمكن للإنسان الذي تعود على ممارسة «الكراهية» أن تكون هذه المشاعر قد وصلته في عمر متأخر، أو أنها أتت نتيجة موقف معين أو ردة فعل، لأن الكراهية لا تأتي بغتة، بل هي تراكمات نفسية يتعوّد على ممارستها -بعضهم- منذ الطفولة. عندما يحرضه والداه أو أحدهما على الانتقام، أو يتحدثان أمامه أو (له) عن هذا أو ذاك بطريقة سلبية، هذه الفئة من الناس بكل هذه الممارسات هي ترفض بشكل أو بآخر الاعتراف بأنها معبأة بمشاعر الكراهية، أو بممارستها.

الغريب هو انتشار الكراهية بلا سبب، بمعنى أن يكره الإنسان شخصاً قد لا يعرفه، ولا يعرف لماذا يكرهه، إنما يشعر تجاهه بالكره لأنه يطمئن ويرتاح لهذه الممارسة التي اعتاد عليها، وقد يشعر بأن شيئا ما ينقصه إن لم يسن سيوف الكراهية، مع أن هذا الشخص نفسه هو ضحية الكراهية، لأن الشخص الذي يكرهه لن يتأثر ولن يهتم، إنما التعب أولاً وأخيراً على هذه الروح المعبأة بالكره لأحد بسبب أو بدون سبب.

من أكثر ممارسات الكراهية المنتشرة هي تجاه الشخص الذي يختلف بالفكر، أو بالسلوك، أو حتى بالشكل. تبدو هذه الممارسات الأكثر وضوحاً بل وكذلك الأكثر ضرراً، لأن من يفعل هذا يحاول إيذاء الشخص الذي يكرهه، أو حتى يصل إلى مرحلة قطع رزقه دون أي مبرر فقط لأنه «يكرهه»..!

من أكثر ردود الفعل التي وصلتني بعد ظهوري الأول على برنامج كلام نواعم عبر قناة إم بي سي قبل أكثر من شهرين، كانت حول جملتي أنني طمست من حياتي كلمة (أكره) سواء تجاه أشخاص أو أشياء أو مدن أو حتى الطعام، نعم أنا طمستها حتى أنعم بجمال الحياة، ولا تدخل ذرة واحدة من هذه المشاعر السلبية إلى حياتي فتفسدها، لأن الحياة هي الحب وتذوق جمالياتها لا يكون إلا ببث مشاعر الحب التي تتنافى تماماً مع الكراهية. كثير سألوني كيف تمكنتِ من الوصول إلى هذه المرحلة؟ ليس صعباً إن شعر الإنسان بثقل هذه المشاعر السلبية عليه أولاً وعلى من حوله، ليس صعباً أن يستشعر وجود المشكلة فيجد الحل.