علي سعد الموسى

في مجرد تحليل الصورة التلفزيونية التي انتهى إليها الزعيم اليمني السابق، علي عبدالله صالح، وفي مجرد قراءة المكان والتوقيت والموكب المتهالك، يظهر واضحا للعيان أن علي صالح كان أضعف بكثير جدا مما كان يتظاهر به، أو يحاول تصويره إلى الداخل والخارج عن قوته ونفوذه. انتهى شبه وحيد وهارب في صحراء وبحرس هشّ للغاية. نهاية لا تبتعد كثيرا عن نهايات القذافي، كما قال الآلاف من المغردين بالأمس. سقط الراقص على رؤوس الأفاعي على يد بضعة أفراد من ميليشيا مارقة خائنة في مكان شبه مهجور على قارعة طريق في المدخل المؤدي إلى رهان قبيلته ومسقط رأسه.


من وجهة نظري، فإن عصابة الحوثي قد كتبت بقتلها له سطرا بارزا على خط النهاية الحتمية لهذا التنظيم الإرهابي في المخيال اليمني. ومن يتابع قسمات الوجوه وألسنة محللي وأتباع هذا التنظيم الحوثي على كافة القنوات الفضائية بالأمس، سيدرك حتما أن رأس هذه الميليشيا ورموزها الكبار كانوا أول المتفاجئين بمصرعه. هم يعلمون أنهم ارتكبوا خطأ تاريخيا سيدخل اليمن إلى حرب عصابات وأحزاب دامية، ولو أن الأمر بيدهم فلربما كانوا أكثر المؤمنين بضرورة الحفاظ عليه، لكن هذه طبيعة التركيب الميليشيوي حين تفتقد الإدارة الهيكلية ووحدة القرار لتتحرك منها عصابة منفردة ثم تتصرف بمثل هذا الشكل الأحمق الغبي، ظنا منها أنها تخدم مصالح الحركة العليا، وهي لا تعلم أنها أصابت هذه المصلحة في مقتل.
تبقى المشكلة الأساس أن علي صالح شأنه شأن أي زعامة ديكتاتورية لم تترك بعدها في الساحة شخصية رمزية كاريزماتية لتواصل ذات دوره من بعده. من حسن الحظ أيضا أن عبدالملك الحوثي يرتكب ذات الخطأ في المنهج وبشكل أكثر بلادة. وفي الدليل، أن أحدا لا يعرف مثلا أن شخصا اسمه «صالح الصماد» هو الرئيس الفعلي الذي نصبه الحوثي كمجرد ستارة وهمية زائفة. إذا انتهى عبدالملك الحوثي ذاب معظم هيكل التنظيم.
الخلاصة أن اليمن في الداخل مقبل على مآلات مخيفة. سيستنزف الجانب العسكري اليمني معظم قدراته على حرب داخلية طاحنة. لست سعيدا بها وإن كانت لنا أفضل الأسوأ من السيناريوهات.