عائشة المري 

تكتنف الوضع اليمني حالة من الغموض بعد مقتل الرئيس السابق علي عبدالله صالح على أيدي ميليشيات الحوثيين، وهو ما يزيد من تعقيد المشهد في معادلة الصراع اليمني، فمقتل صالح سيلقي بظلاله على كثير من معطيات الحرب والسياسة في اليمن في المرحلة المقبلة، فما هي ملامح الساحة اليمنية، وهل توجد رهانات جديدة؟ وما هي سيناريوهات الحرب والسلم في اليمن؟

شهد اليمن خلال السنوات الماضية أحداثاً دراماتيكية متتالية بعد أن ظل لعقدين ينتقل من وضع خطير إلى وضع أخطر، في ظل حروب متواصلة، إذ خاضت الحكومة اليمنية ضد جماعة الحوثي سبع حروب رسمية، وعشرات الحروب مع قبائل يمنية في صعدة وعمران والجوف خلال الفترة من 2004 إلى 2014. وأصبح اليمن خلالها ساحة للتنظيمات الإرهابية والتدخلات الخارجية المستمرة، وانطلقت الثورة اليمنية في 17 فبراير 2011 مع ثورات ما سمي بـ«الربيع العربي» مطالبة بتغيير حكم علي عبدالله صالح، الذي استمر لمدة 33 عاماً. ومع خروج الأوضاع السياسية عن السيطرة كان التدخل الخيلجي والمبادرة الخليجية. إلا أن هذه الجهود لم تتمكن من ضبط الأوضاع السياسية والحفاظ على أمن واستقرار الحكومة اليمنية، واستمر المتمردون الحوثيون في توسعهم الجغرافي ضاربين بمخرجات الحوار الذي شاركوا فيه عرض الحائط. وبعد حرب عمران ظهرت بوضوح نية الانقلابيين الحوثيين فرض الأمر الواقع، والخروج من الأزمة السياسية اليمنية بالاستيلاء على كافة الأراضي اليمنية، والتمدد من الشمال إلى الجنوب. ومع استمرار الاقتتال الداخلي بين الفرقاء الرفقاء حالياً، الذين عادوا فرقاء بعد مقتل صالح، ونتيجة للمسار المتعثر الذي مرت به العملية الانتقالية بعد «الربيع العربي»، تمكن المتمردون الحوثيون من بسط نفوذهم في الشمال اليمني وصولاً إلى العاصمة صنعاء مستغلين تضافر عدد من المتغيرات الداخلية والخارجية التي حاولوا استغلالها لفرض سلطة «أمر واقع» في اليمن.

وبعد أربع سنوات من تحالف المصالح بين علي عبدالله صالح والحوثيين ظهر التصدع لينفرط عقده بمقتل الرئيس السابق.. ولذا فإن التساؤل مطروح اليوم حول مستقبل اليمن في غياب أحد أهم اللاعبين على الساحة اليمنية.

إن بعض السيناريوهات المطروحة على الساحة اليمنية مفجعة، فسيناريو سيطرة الانقلابيين الحوثيين على شمال اليمن في ظل غياب المنافس القوي «مؤيدي صالح» يشكل تهديداً للأمن القومي العربي لارتباط الحوثيين بالمشروع الإيراني، وما لم توجد حلول سياسية مقبولة للأطراف الدولية والمحلية سيستمر الصراع في اليمن على رغم محاولات التسوية السياسية الأممية أو العربية أو الخليجية لرغبة أطراف الصراع في حصد المكاسب على الأرض قبل الجلوس على طاولة المفاوضات، مما يعني تصاعد القتال على الساحة اليمنية. وفي معادلة الربح والخسارة تلك سيظل اليمن رهينة الحرب والأمراض والكوارث الإنسانية.

وبعض القبائل في اليمن لا يعول على ولاءاتها لتسريع الحسم فتاريخياً عرفت بأنها براجماتية، وتميل لمن غلب، فالمراهنة عليها أو حتى ضمان حيادها غير مضمون في ظل غياب شخصية قبلية مقبولة تلتف حولها ولاءات القبائل أو تضمن حيادها وعدم انحيازها لميليشيات الحوثي. وقد راهنت دول التحالف العربي على صالح ودعمت تحركه وانتفاضته إلا أن مقتله عطل هذا السيناريو وإن لم يلغه إذ أبرزت مواجهات صنعاء حقيقة أن الجيش والحرس الجمهوري لازال يدين لصالح بالولاء القبلي على رغم ظروف الحرب، مما قد ينعكس بالتالي كولاء لنجله أحمد باعتباره مفتاح الحل للوضع اليمني.

--------------