هند المطيري

نسمع عن شراء رجل أعمال سعودي للوحة رسام عالمي أو للوحة سيارة مميزة بملايين الريالات، لكننا لا نسمع عن إطلاق جائزة تدعم الثقافة وتشجع المثقفين، وهذا لافت للانتباه ومثير للتساؤلات

تحظى الثقافة ومؤسساتها ومنتجها الإبداعي بالرعاية والاهتمام من رجال الأعمال في الخليج العربي من حولنا، وما جائزة عبدالعزيز البابطين وجائزة سلطان العويس إلا دليل على تلك الرعاية وذاك الاهتمام، لكن يبدو أن عدوى هذا الاهتمام لم تنتقل بعد إلى رجال الأعمال في المملكة، فعلى الرغم من اتساع مساحة المملكة مقارنة بالكويت والإمارات، مكاني الجائزتين السابقتين، واتساع رقعة الاستثمارات هنا، ومن ثم زيادة عدد رجال المال والأعمال إلا أن الثقافة لا تجد دعما مباشرا من هؤلاء؛ برصد الجوائز وطرح المنافسات الإبداعية. 
ولأن الأمر كذلك فقد التوت أعناق المبدعين السعوديين جهة الشرق طمعا في الفوز بإحدى الجائزتين؛ البابطين أو العويس، ونحو الغرب طمعا في الجوائز العالمية الأخرى. ففي ظل غياب الدور الوطني لرجل الأعمال السعودي في نهضة المشهد الثقافي لا يجد المثقفون والمبدعون إلا أن يولوا وجوههم قبل المشرق والمغرب، ثم هم بعد ذلك يفوزون ويحققون أمجادا تستحق أن تحمل أسماء جوائز محلية يدعمها رجال الأعمال في بلادهم. وما أعظم أن تتحول تلك الجوائز لاحقا إلى العالمية فيكون ذلك كسبا جديدا لهذا الوطن السخي.
إن دور رجال الأعمال في النهضة الفكرية والثقافية لأي مجتمع رئيسي وفاعل، ولم ولن تنهض الثقافة بجهود الحكومات وحدها، فاليد الواحدة لا تصفق. وفي المملكة تحديدا سعت الحكومة جاهدة في خدمة الثقافة؛ من خلال وضع المخصصات المالية للمؤسسات الثقافية وتطوير اللوائح المنظمة للعمل الثقافي، تحت مظلة الجهات المسؤولة، ممهدة بذلك الطريق أمام مبادرات رجال الأعمال الكبار، الذين يعوّل عليهم في مساندة مؤسسات الثقافة ودعم المثقفين والمبدعين وخلق بيئة تنافسية ترتقي بالمجتمع وتنهض بالفكر وتحقق الأهداف الثقافية الكبرى للوطن.
نسمع كثيرا عن استحواذ رجل أعمال سعودي على حصة شركة من الشركات العالمية في أي مجال من مجالات الاستثمار، ونسمع حتى عن شراء رجل أعمال سعودي للوحة رسام عالمي أو للوحة سيارة مميزة بملايين الريالات، لكننا لا نسمع عن إطلاق جائزة تدعم الثقافة وتشجع المثقفين، وهذا لافت للانتباه، ومثير للتساؤلات. 
هذا لا يعني عدم وجود رجال مال صغار وأصحاب شركات محدودة يسهمون في الثقافة، فيكون لهم الجميل في بناء قاعة محاضرة أو تجديد مبنى متهالك في أحد الأندية الأدبية، ولهؤلاء جزيل الشكر على جودهم بموجودهم، ويبقى دور رجال الأعمال الكبار الذين بجهودهم تنهض مؤسساتنا، وتزدهر أنديتنا، وتنتعش ساحتنا الثقافية. وبلادنا بلا شك تستحق ذلك من رجال وضعت تحت أيديهم كل الإمكانات للاتجار المشروع، ولم تثقل عليهم بالضرائب الحكومية مثلما تفعل بقية دول العالم. ولا شك أن الدور قد آن لرد الجميل، وهذا هو المنتظر والمأمول في المرحلة الحالية، التي تحتاج فيها خطط الدولة إلى دعمهم ومساندتهم، وعلى رأس تلك الخطط ما يتعلق بالشأن الثقافي.