حمد عبد الله اللحيدان
مما لا شك فيه ان المملكة تنعم بالأمن والاستقرار وهما عماد كل تقدم ورفاه وأساس كل حراك ايجابي وكل استثمار ناجح وذلك لان الحكومة تستقرئ الرأي العام وتستجيب لمتطلباته حتى انها بكل ثقة تتراجع عن اي قرار اتخذته وثبت تغير موجباته وهذا ان دل على شيء فإنما يدل على الثقة بالنفس وتغليب المصلحة العامة. ولعل الامر الملكي الكريم بإعادة جميع البدلات والمكافآت والمميزات الى جميع موظفي الدولة المدنيين والعسكريين جاء نتيجة تحسن الوضع الاقتصادي والاهتمام برفاهية المواطن.
وهذا جزء من الشفافية التي تنتهجها في عمليتي التحول الوطني ورؤية 2030 اللتين بنيتا على اهداف وبرامج محددة تصب في مصلحة الوطن والمواطن باعتبارهما عماد كل انجاز, ولعل من اهم اهدافهما العمل على تعدد مصادر الدخل المقرون بمحاربة الفساد الذي يعتبر حجر العثرة الاول في تحقيق الرؤى والتحولات الكبرى فالفساد هو السبب الاول لتعثر المشروعات وتضخيم تكاليفها مقارنة بمثيلاتها في الدول التي تتمتع بنسبة فساد اقل.
كما ان تضخم أعداد العمالة الوافدة التي وصلت إلى أكثر من 30% من العدد الكلي للسكان من اهم اسباب البطالة التي شملت اكثر من (6) آلاف من حملة الشهادات العليا وهذا يعني ان التستر وتفضيل توظيف الوافدين يعتبر فسادا ظاهرا وهذا ما تعهد بمحاربته سمو ولي ولي العهد – حفظه الله – خلال مقابلة قناة العربية معه حيث قال ان الحرب على الفساد لا هوادة فيها ولن يستثنى منه احد ولذلك فإن الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد مندوبة اليوم اكثر من اي وقت مضى للتحرك لكشف ملابسات الفساد ليس الفردي فقط بل المؤسسي الذي هو اكبر ضررا واعمق اثرا دون ان تتأثر بما تبثه وسائل التواصل الاجتماعي مثل تويتر وواتس اب من خليط فيه قليل من الحقائق وكثير من المهاترات فالحقائق يؤخذ بها بعد توثيقها وهذا ما تبناه سمو ولي ولي العهد – حفظه الله – حيث قال لا نعتمد على تويتر في محاربة الفساد بل على الحقائق والوثائق.
لذلك فإن المهاترات لا بد ان تلجم وذلك ان تويتر اصبح وسيلة من لا وسيلة له لتشويه السمعة والانتقام من خلال الرسائل الكيدية المعتمدة على قاعدة مسترقي السمع حيث توضع فقرة صحيحة ويضاف اليها تسع وتسعون كذبة مصحوبة بأسلوب يظهر بين ثناياه العداوة اذا كان المستهدف شخصا والحقد والعمالة اذا كان المستهدف الوطن والدولة او الثوابت حتى وإن تم تغليفها بأبعاد الدفاع عن المصلحة العامة.
فالتأويل السلبي لكل قرار حكومي وتحجيم الايجابيات وعدم مراعاة الظروف الاقتصادية والسياسية والامنية التي تعم المنطقة دليل على اما السذاجة او الحسد والشماتة. ناهيك عن ان نشر الشائعات وبث روح الاحباط وجلد الذات وغيرها من الممارسات السلبية الممقوتة تضر بوحدة الكلمة ووحدة الوطن.والتي يساعد السذج والغوغائيون على توسيع دائرة تداولها حيث يعيدون ارسال ما يصل اليهم دون استقراء او تمحيص لأهدافها او أهداف من بعث بها فيصبحون شركاء في الجرم من حيث لا يعلمون .
ان حرية التعبير الملتزم في وسائل التواصل الاجتماعي يجب ان تظل مكفولة ولكن في حدود لا ضرر ولا ضرار وهذا يحتم ان يتم وضع ضوابط تحكم ذلك العالم المنفلت الذي علا فيه الصوت النشاز على صوت العقل ولهذا فان تحجيم الغث واجب يؤدي الى تعظيم الايجابي الذي هو اوجب.
نعم ان عالم النت اصبح نعمة ونقمة. فهو نعمة لمن يجيد السباحة فيه ويستفيد من امكانياته الايجابية وفي نفس الوقت هو بحر موحل يغرق فيه الجاهلون، وبما ان كلاً من تويتر وواتس أب وليدان لهذا العالم الافتراضي فإن ترشيد استخدامها بما ينفع البلاد والعباد واجب اما استغلالهما في السلبي الذي عماده التشكيك والاستهداف الشخصي والانتقام والكيد والتحريض ونشر الشائعات وتضخيم السلبيات وتحجيم الايجابيات والدق على وتر الفرز الطائفي والقبلي والمناطقي، وبالتالي الإضرار بالوحدة الوطنية فهو مرض مرفوض جملة وتفصيلا. ولا شك ان تحجيم سلبيات تلك الوسائل يعتبر مفتاحا لتعظيم ايجابياتها باعتبارها من اهم وسائل التثقيف والتنوير والتعليم والتعلم المتاحة.
ان صوت العقل لا بد ان يعلو على صوت الفوضى، وهذا لن يتم الا من خلال وضع ضوابط تحكم استخدام تلك الوسائل، أقلها امكانية مقاضاة من يسيء استخدامها من خلال نشر الشائعات المغرضة او تشويه سمعة الاخرين بدون دليل او بغرض الكيد والتشويش وبث روح الفرقة والانقسام . والله المستعان.
التعليقات