نعمت أبو الصوف
على منتجي الغاز الطبيعي الحذر. حيث تشير المناقصات الأخيرة لبناء المحطات الكهروضوئية الشمسية ومنشآت الرياح البحرية إلى استمرار انخفاض تكاليف الطاقة المتجددة. الرياح والطاقة الشمسية هما بالفعل مصادر أرخص لتوليد الطاقة الجديدة في أماكن تكثر فيها الرياح (العاصفة) مثل السهول العظمى في الولايات المتحدة والمياه الضحلة في شمال أوروبا، ومواقع مشمسة مثل جنوب غرب الولايات المتحدة، المكسيك، إفريقيا والشرق الأوسط.
ولكن على نطاق أوسع، فإن هذه المصادر قريبة بشكل خطير في التغلب على الغاز في الولايات المتحدة وأوروبا. بالطبع مثل هذه القدرة التنافسية لا يمكن أن تكون موضع ترحيب من قبل شركات النفط العالمية مثل "رويال داتش" "شل بي بي" و" توتال"، التي تراهن على أن الغاز هو الوقود المجسر الأساس في الانتقال إلى مصادر الطاقة النظيفة. وقد وصلت عروض العطاءات الكهروضوئية الأخيرة إلى 3 ــــ 4 سنتات لكل كيلوواط ساعة في الإمارات المشمسة، في شيلي والمكسيك دون مساعدة من الإعانات وذلك بفضل ظروف التمويل المواتية وتوقعات انخفاض أسعار الألواح الشمسية. وتعتبر هذه نتيجة مذهلة بالنظر إلى أن 3 ــــ 4 سنتات لكل كيلوواط ساعة تغطي فقط تكاليف تشغيل التوربينات الغازية ذات الدورة المشتركة في الشرق الأوسط، دون الأخذ في عين الاعتبار التكاليف الثابتة ــــ بما في ذلك سداد النفقات الرأسمالية.
وحتى أولئك الذين يؤيدون مشاريع الرياح البحرية فوجئوا بمدى وسرعة انخفاض تكاليف هذه المشاريع. وهناك عديد من المشاريع من هذا النوع التي أصبحت الآن قادرة على المنافسة مع محطات الطاقة الجديدة التي تعمل بالفحم أو الغاز، وهي أرخص بكثير من الطاقة النووية الجديدة. هذا الاتجاه من الطاقة المتجددة جذاب بشكل خاص لشركات النفط، حيث إن التطورات في هذا المجال يمكن أن يستفاد من خبراتها في إدارة وتمويل المشاريع البحرية المعقدة. مع ذلك، لا تزال أسواق الرياح البحرية محدودة نسبيا.
تمتلك مشاريع الطاقة الشمسية والرياح البرية إمكانات كبيرة في السوق، ولكن مهارات إدارة المشاريع لشركات النفط الكبرى لا توفر ميزة تذكر لعمليات التصنيع الضخمة هذه. على سبيل المثال، في ظل سيناريو 450 الصديق للبيئة لوكالة الطاقة الدولية، يمكن أن تمثل الطاقة الكهروضوئية والرياح البرية أكثر من ألف جيجاواط من الطاقة الكهربائية المركبة في الولايات المتحدة وأوروبا بحلول عام 2040، مقارنة بـ 125 جيجاواط للرياح البحرية. في هذا الجانب تحرص بعض شركات النفط الكبرى مثل ستات أويل ورويال داتش شل على دعم مشاريع الرياح البحرية، في حين لا ترى شركات أخرى مثل ريبسول الإسبانية وتوتال الفرنسية مزايا في دخول هذا القطاع الذين يعتبرونه هامشيا ويستنزف ميزانياتهم العامة.
بغض النظر عن المشاركة المباشرة لشركات النفط في قطاع الطاقة المتجددة، يقول المنتجون إن الغاز الطبيعي سيبقى مصدرا حيويا لإمدادات الطاقة لتحقيق التوازن بين إنتاج الكهرباء المتقطع من مصادر الطاقة المتجددة وضمان استمرار التيار الكهربائي. ولكن الابتكارات التكنولوجية الأخيرة وخفض التكاليف لم تقتصر فقط على الألواح الكهروضوئية أو توربينات الرياح البحرية، حيث إن حلول تكامل الطاقة المتجددة مع الشبكة هي بالفعل متاحة وفي طريقها إلى أن تصبح قادرة على المنافسة بشكل متزايد.
وتشمل هذه الحلول، تخزين البطاريات،إدارة جانب الطلب لاستهلاك الكهرباء، وتحسين التنبؤ بالعرض والطلب الذي يمكن أن يوفر معلومات أفضل لمشغلي الشبكات. وبالمثل، فإن تحسين الترابط داخل الشبكات وفيما بينها يسمح بإدماج حصة أكبر من مصادر الطاقة المتجددة، والحد من الغاز اللازم لتغذية الشبكة الكهربائية. على سبيل المثال، ألمانيا، التي تعتبر أكبر سوق للطاقة في أوروبا، تورد بشكل روتيني أكثر من 40 في المائة من الكهرباء من مصادر الطاقة المتجددة، وفي وقت سابق من هذا الشهر قامت بتشغيل شبكتها على مستوى قياسي بلغ 85 في المائة من مصادر الطاقة المتجددة من دون أي مشكلة.
وفي مجال النقل، شرعت البطاريات في مسار مماثل لتكاليف الألواح الشمسية، وهو ما دفع عديدا من الخبراء إلى التنبؤ بأن تكاليف السيارات الكهربائية ستصل إلى قيمة السيارات التقليدية في وقت ما من العقد القادم. في حين أن النفط سيفقد جزءا من حصته في السوق في ظل هذا السيناريو، ويعتقد البعض أن الغاز يمكن أن يستفيد من الطاقة الكهربائية الإضافية التي تتطلبها السيارات الكهربائية. ولا يتفق الجميع، في أن مصادر الطاقة اللامركزية مثل الكهروضوئية على الأسطح يمكن أن تلبي بعضا من هذا الطلب المتزايد.
على سبيل المثال، يقدم عملاق صناعة السيارات الكهربائية "تسلا" Tesla الألواح الشمسية إلى جانب البطاريات لتخزين الطاقة في المنازل، وشكلت شركة دايملر الألمانية تحالفا مع شركة فيفينت سولار الأمريكية لتوفير تخزين البطارية للمنازل في الولايات المتحدة. في هذا الجانب تشير بعض الدراسات إلى أن سيارات الأجرة والنقل بالسكك الحديدة العاملة بالطاقة الكهربائية يمكن أن تستهلك نحو 6900 تيراواط ساعة من الكهرباء في عام 2040، أي ما يعادل 15 في المائة من إجمالي استهلاك الطاقة الكهربائية في العالم. مع ذلك، قد تكون هذه التوقعات طموحة بشكل مفرط، حيث تفترض هذه التوقعات أن المركبات التي تعمل بالطاقة التقليدية، أي النفط، ستختفي تماما تقريبا بحلول منتصف القرن، ستحل محلها نحو 70 في المائة من المركبات الكهربائية و30 في المائة من مركبات خلايا الوقود. في حين حتى سيناريو 450 لوكالة الطاقة الدولية الذي يعتبر الأكثر تفاؤلا بخصوص مستقبل مصادر الطاقة المتجددة، يتوقع أن يمثل قطاع النقل فقط 9 في المائة من الطالب العالمي على الكهرباء في عام 2040.
التعليقات