أحمد الغز

تتصدر اهتمامات المتابعين لقمة العشرين احتمالات انعقاد قمة ثنائية بين الرئيس الأميركي ترمب والرئيس الروسي بوتين، مع تطور التحقيقات الأميركية حول تدخل روسيا بالانتخابات الأميركية لمصلحة ترمب

بدأت الاهتمامات السياسية والإعلامية تتجه نحو ألمانيا لمتابعة اجتماعات قمة العشرين الأسبوع القادم في 7 و8 يوليو، وسيشارك الرئيس الأميركي دونالد ترمب لأول مرة في هذه القمة بعد انتخابه رئيسا للولايات المتحدة الأميركية، وكان قد شارك الشهر الماضي في قمة الرياض العربية الإسلامية، وفي اجتماعات دول الناتو في بلجيكا، وفي اجتماعات قمة الدول الصناعية السبع في إيطاليا، والتي لم تحضرها روسيا بسبب تجميد عضويتها في قمة الثماني بعد عملية اجتياح أوكرانيا. 
وتنعقد قمة العشرين في ظل تحولات كبرى غير مسبوقة منذ الحرب العالمية الثانية، بالإضافة إلى تطورات الحرب على الإرهاب والتغيرات على مستوى المنظومات الإقليمية، ومنها خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي بعد عملية البريكست، وكذلك الانتخابات الفرنسية وظهور تيار سياسي فرنسي جديد مؤيد للاتحاد الأوروبي بقيادة إيمانويل ماكرون خارج اليمين واليسار الفرنسي. 
تتصدر اهتمامات المتابعين لقمة العشرين احتمالات انعقاد قمة ثنائية بين الرئيس الأميركي ترمب والرئيس الروسي بوتين، مع تطور التحقيقات الأميركية حول تدخل روسيا بالانتخابات الأميركية لمصلحة ترمب، وربما تكون هذه العملية هي التحدي الأكبر لإدارة ترمب، ورغم ذلك هناك ترجيحات بانعقاد هذه القمة الثنائية، خصوصا بعد التحذيرات التي أطلقها الرئيس ترمب للنظام السوري محذّرا من محاولة استخدام الأسلحة الكيماوية مرة أخرى، وأن ذلك سيكون له عواقب كبرى، ورفض روسيا لتلك التهديدات الأميركية. 
ستتصدر الأزمة الخليجية الأخيرة أعمال هذه القمة، خصوصا أن هذه التطورات جاءت بعد القمة العربية الإسلامية الأميركية في الرياض، وبحضور خمسين دولة عربية وإسلامية، وإطلاق مركز اعتدال لمنع التطرف العنيف، وأن المقاطعة الخليجية وشروطها جاءت لتؤكد على مخرجات القمة حول منع دعم وتمويل الإرهاب الذي أصبح الموضوع الأول عالميا، مع تشكيل تحالف عسكري دولي لمحاربته، بالإضافة إلى انضمام الناتو إلى هذا التحالف. 
المملكة العربية السعودية هي الدولة العربية الوحيدة في مجموعة العشرين التي تمثل أكبر اقتصادات العالم، وقد شارك الأمير محمد بن سلمان في قمة الصين في عام 2016، وأعتقد بأن سموه سيشارك في قمة العشرين القادمة الجمعة القادم، بعد مبايعته وليا للعهد في المملكة العربية السعودية الأسبوع الماضي، في خطوة تركت آثارها الإيجابية على المستويين الاقتصادي والسياسي في مرحلة التحولات الاستراتيجية البالغة الدقة، مما سيعزز الحضور السعودي العربي في قمة العشرين العالمية.
تستعد تركيا أيضا للمشاركة في قمة العشرين مع اعتراضات ألمانية على المرافقة الأمنية للرئيس التركي بعد الإشكالات التي وقعت معهم في الولايات المتحدة الأميركية إبان زيارة إردوغان الأخيرة لواشنطن، بالتزامن مع الإعلان التركي عن الاستعدادات العسكرية للتدخل في سورية للمرة الأولى منذ بدء النزاع هناك ولأسباب تركية وضد قوات سورية الديمقراطية الكردية المدعومة من الولايات المتحدة الأميركية، مما قد يحدث تطورات غير متوقعة في الميدان السوري من الشمال والجنوب والشرق والغرب، خصوصا بعد الحديث عن غرفة عمليات أميركية روسية في الأردن. 
سيأتي الرئيس الأميركي إلى قمة العشرين في ألمانيا مثقلا بأعباء السياسات الأميركية السابقة من الأحادية والحروب الاستباقية لإدارة الرئيس بوش الابن، والتي تمثلت باحتلال العراق على أساس كذبة امتلاكه أسلحة نووية التي اختلقتها إدارة بوش الابن ومعها طوني بلير رئيس وزراء بريطانيا آنذاك، وتم احتلال العراق وتفكيك دولته ومجتمعه، وكانت نتائجها كارثية على العراق وأميركا والمنطقة، ويواجه الرئيس ترمب أيضا نتائج سياسات أوباما الانكفائية وعملية القيادة من الخلف، وهي عكس سياسة الأحادية والحروب الاستباقية تماما، لأنها تقوم على الانسحاب وإعطاء الأدوات المحلية والإقليمية الصغرى وظيفة الدولة الأميركية العظمى، مما يحدث تضخم وتوهم والتباس بالأدوار كما حدث مع قطر وإيران، ومما أدى إلى تعاظم دور روسيا في المنطقة كما كان أيام الحرب الباردة.
إن تحديات إدارة ترمب هي بلورة سياسة أميركية جديدة قادرة على التعامل مع الآثار السلبية للسياسات الانكفائية والقيادة من الخلف والأحادية والحروب الاستباقية.