حمود أبو طالب

أستطيع هذه المرة أن أهنئ الجميع ببداية العام الميلادي الجديد دون توجس من دلق كمية لا بأس بها من النقد العشوائي كما كان يحدث سابقا مع الذين يشيرون إلى هذه المناسبة، لكن التهنئة الكبرى هذا العام يجب تقديمها بشكل خاص للوطن الذي شهد خلال العام الماضي ما لم يكن يتوقع حدوثه في أعوام أو عقود من الزمن.

2017 عام سعودي بامتياز، القريب والبعيد يؤكدون ذلك، فقد فاجأت المملكة العالم بأجمعه مثلما فاجأت مواطنها بقراراتها الكبرى المتتابعة في ملفات وقضايا مزمنة تنتظر البت فيها منذ مدة طويلة. خلال العام الماضي أثبتت الدولة أنها صاحبة السبق في الدفع بالمجتمع إلى الأمام، بينما لو انتظرنا مؤسسات أخرى يفترض أنها تمثل المجتمع كمجلس الشورى مثلا لما استطعنا التقدم خطوة. لقد قالت الدولة كلمتها الفصل في أنه لا تراجع عن مشروع سعودية المستقبل التي تخلصت من عثرات الماضي ووصايته على أجيال كادت تختنق بحصاره.

خلال العام الماضي لم يستطع المواطن التقاط أنفاسه والدولة تلاحقه بالمفاجآت الجميلة، جعلته يعتاد الترقب كل ليلة انتظارا لقرار يزيح طبقة من رواسب الماضي أو يضع عتبة جديدة لصعود سلم المستقبل. بدأنا نعود مجتمعاً طبيعياً بعد اختطاف طويل ومؤلم لفطرتنا الإنسانية ومصادرة لطبيعتنا البشرية حولتنا إلى كائنات غريبة على هذا العالم الذي تعيش فيه كل المجتمعات حياتها ببساطة وعفوية وفرح وأمل، بينما نحن نعيش أعقد التناقضات والعلل النفسية التي أصابنا بها رعاة ثقافة الموت الذين يعيشون حياة فاخرة ويصدرون للآخرين حياة البؤس والكآبة والشقاء.

لقد استعدنا الوطن واستعادنا، وبدأنا نبنيه وفق مقتضيات المستقبل، وذلك ما يتطلب الصبر على بعض المتاعب وتقديم شيء من التضحية والحذر من الذين يتربصون به في الداخل قبل الخارج.