كشفت مصادر ديبلوماسية أوروبية أن الاتحاد الأوروبي سيطلب من الرئيس الفلسطيني محمود عباس، خلال اجتماع في بروكسيل غداً، التريث وعدم الانسحاب من العملية السياسية والانتظار لحين معرفة تفاصيل الخطة الأميركية المقبلة، في وقت كشف أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية صائب عريقات تفاصيل «صفقة القرن» للسلام التي تستعد الإدارة الأميركية لطرحها قبل نيسان (أبريل) المقبل، وتشمل ضم المستوطنات و10 في المئة من الضفة الغربية، وعاصمة للفلسطينيين في ضواحي القدس.
في غضون ذلك، بحث الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي مع نائب الرئيس الأميركي مايك بنس في القاهرة أمس مستجدات القضية الفلسطينية، وتداعيات قرار نقل السفارة الأميركية إلى القدس، وسبل التوصل إلى حل عادل وشامل للقضية الفلسطينية، وسبل تعزيز العلاقات الاستراتيجية الثنائية، وأهمية التوصل إلى حلول سياسية للأزمات القائمة في عدد من دول المنطقة، بما يحفظ وحدتها وسيادتها وسلامتها الإقليمية ويصون مؤسساتها الوطنية ومقدرات شعوبها. وغادر بنس عقب الزيارة التي استغرقت 4 ساعات متوجهاً إلى الأردن، ومن المقرر أن يزور إسرائيل لاحقاً.
وفي رام الله، قالت مصادر ديبلوماسية أوروبية لـ «الحياة» إن ممثلين عن الاتحاد سيطلبون من عباس، خلال استقباله غداً في مجلس الشؤون الخارجية في الاتحاد، عدم مقاطعة الإدارة الأميركية، وعدم تطبيق قرارات المجلس المركزي الأخيرة في شأن إلغاء الالتزامات الفلسطينية بموجب اتفاق أوسلو وتجميد الاعتراف بإسرائيل ووقف التنسيق الأمني معها وغيرها، والانتظار لحين طرح الخطة الأميركية لمعرفة تفاصيلها قبل الحكم عليها. وأضافت أن الاتحاد الأوروبي سيجدد دعمه المالي للسلطة البالغ حوالى 200 مليون دولار سنوياً، فيما سيرفع عددٌ من دوله دعمه لـ «وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين» (أونروا) لتعويض تقليص الدعم الأميركي للوكالة.
وقال ديبلوماسي أوروبي رفيع المستوى لـ «الحياة» إن الاتحاد سيجدد أيضاً اتفاقات الشراكة مع السلطة، مشيراً إلى أن الديبلوماسية الأوروبية تعتبر أن الانسحاب من العملية السياسية سيجعل موقع فلسطين شاغراً، ما يفتح الطريق أمام تمرير مشاريع خاصة بالفلسطينيين من دون أن يتاح لهم قول كلمتهم في شأنها. وقال إن الاتحاد الأوروبي يخشى من «حدوث تدهور في الأوضاع يصعب لجمه» في حال جمّدت السلطة الاعتراف بإسرائيل والعمل باتفاقات أوسلو.
ويُعتقد أن إدارة ترامب تبنّت مقاربة طرحها المبعوث الأميركي السابق لعملية السلام في التسعينات دنيس روس الذي كان نشر ورقة بحثية قدمها إلى الإدارة الجديدة، تضمنت اقتراحاً بإلغاء أسلوب البحث عن حل من خلال المفاوضات، وفرض حل سياسي على الفلسطينيين. وأضاف أن أمام الإدارة فرصة لسلام إقليمي عبر إقامة تحالف لمواجهة الخطر الإيراني على الدول العربية وإسرائيل.
ومن المقرر أن يلقي عباس غداً خطاباً في مجلس الشؤون الخارجية في الاتحاد الأوروبي بحضور وزراء خارجية دول الاتحاد البالغ عددهم 28 وزيراً. وقال المستشار الديبلوماسي للرئيس الدكتور مجدي الخالدي الذي يرافقه في الزيارة، إن عباس سيطلب من الدول الأوروبية الاعتراف بفلسطين على حدود عام 1967، ولعب دور رئيس في تغيير آلية رعاية العملية السياسية. وأضاف: «سيقول لهم إنهم يدعمون حل الدولتين، وإن دولهم اعترفت بإسرائيل ولم تعترف بدولة فلسطين. وسيقول لهم أنتم تدعمون الحل السياسي التفاوضي، لكن المفاوضات لم تعد قائمة، والراعي الأميركي لم يعد مقبولاً بعد أن أخرج القدس من المعادلة، ولا بد من آلية دولية جديدة لرعاية العملية السياسية». وتابع أنه سيتم خلال اللقاء تبادل آراء، فـ «بيننا وبين الاتحاد الأوروبي شراكة اقتصادية وأمنية، وسنبحث في أفق التعاون المستقبلي».
ويأتي الموقف الأوروبي في وقت كشف عريقات تفاصيل خطة السلام الأميركية في «تقرير سياسي» من 92 صفحة قدمه إلى المجلس المركزي الفلسطيني خلال اجتماعه الأخير في رام الله، وجاء فيه: «سيُعلن خلال شهرين أو ثلاثة على أبعد حد، عن موافقة إدارة ترامب على ضم الكتل الاستيطانية» إلى إسرائيل. وأضاف أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو «يطرح ضم 15 في المئة (من الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1967، فيما يقترح ترامب 10 في المئة».
وأوضح عريقات أن «إدارة ترامب ستخترع عاصمة لدولة فلسطين في ضواحي القدس (خارج إطار 6 كيلومترات مربعة)»، وستعلن «دولة فلسطين منزوعة السلاح مع قوة شرطة قوية، وتعاوناً أمنياً ثنائياً وإقليمياً ودولياً». وزاد أن المفهوم الأمني سيشمل أيضاً «وجود قوات إسرائيلية على طول نهر الأردن والجبال الوسطى (من الضفة) لحماية الدولتين، وتُبقي إسرائيل على صلاحيات الأمن القصوى بيدها لحالات الطوارئ». وتابع: «هذه معالم الصفقة التاريخية التي ستسعى إدارة ترامب إلى فرضها على الجانب الفلسطيني، مع الإبقاء على عبارة أن الحدود النهائية وقضايا الوضع الدائم يتم الاتفاق عليها بين الجانبين ضمن جدول زمني محدد ومتفق عليه».
التعليقات