& شاهر النهاري

&تطايرت الأسئلة من كل صوب بعد زيارة ولي العهد محمد بن سلمان لكوريا الجنوبية، وتعددت التخمينات، فماذا يمكن أن تستفيد السعودية من زيارة كهذه؟

والحقيقة أن ولي العهد ملهم يبحث عن قصص الإلهام، ولو خلف المدى.

وبعد سنوات من خروج كوريا من تحت وطأة الاستعمار الياباني، وانقسامها إلى كوريا شمالية وجنوبية، واستقرار أوضاعها بدأت العلاقات السعودية الكورية الجنوبية، بشكل مقنن.

وطن بها تنوع بيئي مدهش، وكان شعبها يعمل بمعظمه في الزراعة في حينه، وقبل أن يتطلع لدخول مرحلة التغيير، والتحول إلى دنيا العلوم والصناعة والتجارة، جاعلاً كوريا إحدى نمور آسيا الأربعة المتسابقة.

في سبعينات القرن الماضي، حضرت العمالة الكورية للسعودية، وكان لها وجود مشارك متميز مؤثر فيما حدث حينها في السعودية من تقدم وطفرة، فشاركت الشركات الكورية في تكوين البنية التحتية السعودية، خصوصاً في أعمال الطرق والكباري، وتوصيل أبراج الكهرباء، عبر تضاريس المملكة المنهكة، لتطوف بالصحارى، وتبلغ قمم سلسلة جبال السروات، بتميز هندسي حرفي، تقني، وجدية، ومصداقية مشهودة.

خمسون سنة من العلاقات الدبلوماسية، والثقافية والتجارية بين البلدين، كانت تزيد وتنقص حسب استقرار الحالة السياسية الداخلية في كوريا حينها، والتي مرت بكثير من التغييرات الحكومية.

ولكن الأوضاع الكورية الحالية مختلفة كلياً، فالسياسة مستقرة فيها، واجتماعياً تؤكد البيانات على تطور رهيب في التعليم، وأن خمسة وأربعين مليوناً من الشعب الكوري، الذي يبلغ حوالي الخمسين مليوناً، يستخدمون الإنترنت في 2014م.

وتؤكد الجداول أن الثروة المعدنية الغنية في كوريا قد تم اكتشاف تنوعها، وتسخيرها لصنع قيمة البلد التجارية، وأن الصناعات الكورية أصبحت تغزو العالم بجودتها وقيمتها، سواء في بناء السفن، أو صناعة السيارات، أو تصنيع بقية الأجهزة الدقيقة والمعدات الثقيلة، بميكانيكا وتقنيات متطورة، ما أكد على تقدم مركزها بين مجموعة العشرين.

كوريا أيضاً لها باع في الصناعات العسكرية، ما جعلها تصبح ذات شكل ومميزات ذاتية أخذت بداياتها من صناعات روسيا واليابان والصين، حتى نافستهم في الوصول إلى أوروبا وأمريكا وبقية دول العالم بجودة منتوجاتها ورخص أسعارها.

كوريا أيضاً دولة سياحية تمتلك كل المكونات البيئية والتراثية والسياحية، وهي أيضاً ثقافة محفزة للسعوديين ممن أحبوا لغتها، وتاريخها، وانسجموا مع مسلسلاتها، كما يشار إلى أنه يوجد أعداد كبيرة من المبتعثين السعوديين في كوريا، يدرسون الهندسة والصناعات والتقنية، وذلك لتأكيد التنوع، في خطط الصناعات السعودية المستقبلية.

محمد بن سلمان شق بالرؤية السعودية طرقاً عديدة، مختلفة الاتجاهات، تبحث عن المتانة والتجدد والتنوع، وتحيي طرق التعاون التجاري القديمة، ولا تتوقف، حتى تبلغ وتحتوي بقية العالم المتطور بمعظم مكوناته.

مع كوريا الجنوبية رسمنا مساراً مستقبلياً طويلاً قوياً متيناً نراه ونلمسه، من خلال رؤيتنا. ويحق لنا أن نغني: على بلد الكوريين ودّيني.









&