في السنوات القليلة الماضية، جذبت المملكة اهتماما عالميا على مختلف الأصعدة، ويعود ذلك إلى الاستراتيجية، التي تقوم بتنفيذها وتسند إلى "رؤية المملكة 2030". هذه "الرؤية" التي جلبت إعجابا كبيرا في أوساط الدول المتقدمة، واعتبرتها آلية متطورة حقيقية ستوفر للسعودية كل الإمكانات اللازمة لها لمواجهة كل الاستحقاقات والتطورات حتى المتغيرات المقبلة. وبدا هذا واضحا، من خلال حرص هذه الدول على أن تكون لها حصة ما في "ورشة" البناء الاقتصادي الراهنة. ما يبرر تدافع المؤسسات والشركات العالمية لدخول السوق السعودية من كل جانب تسمح لها القوانين بذلك. وهذه القوانين تلفها المرونة جراء معايير "الرؤية"، كما أنها تفسح المجال أمام المبادرات الجديدة الداعمة للاستراتيجية الشاملة.

والتقرير الأخير، الذي أصدرته منظمة الدول المصدرة للبترول "أوبك" حول السعودية، يؤكد في الواقع ما هو موجود على الأرض. واعتبر أن التحول التنموي والاقتصادي، وفق "رؤية المملكة" سيقود البلاد نحو تحفيز الاقتصاد وتنويع الإيرادات وجذب الاستثمارات بمستويات هائلة. والنقطة الأخيرة ظهرت بوضوح جراء ارتفاع حجم هذه الاستثمارات بالفعل في الأعوام الثلاثة الماضية، ناهيك عن ارتفاع الاستثمارات السعودية في الخارج، سواء المباشرة أو غير المباشرة. وجاء ذلك، بعد تأكيدات المؤسسات الدولية المختصة بالتصنيف الائتماني، أن السعودية تتمتع بمستويات عالية من الثقة والأمان الاستثماري والاقتصادي بشكل عام. وهذا المستوى الرفيع على صعيد الائتمان ظل حاضرا حتى في عز تراجع أسعار النفط قبل ثلاث سنوات تقريبا.
التنوع الاقتصادي، الذي تستهدفه السعودية من خلال "رؤية المملكة" يتصدر المشهد العام، فعلى الرغم من أن البلاد تتمتع باحتياطيات مؤكدة من النفط تصل إلى 15 في المائة على المستوى العالمي، فقد تلقى التنوع الاقتصادي مزيدا من القوة وآليات الدفع، حيث تشهد الموازنات العامة بصورة دورية ارتفاعا ملحوظا لحصة القطاع غير النفطي فيها. واستند تقرير "أوبك" إلى ما قاله خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز في غير مناسبة "هدفي الأساسي، هو أن تكون أمتنا مثالية ورائدة في كل المجالات، وسوف أعمل معكم على تحقيق هذا المسعى". ولذلك، فإن ما يجري على الأرض من إنجازات حقيقية يتم بإشراف مباشر من أعلى الهرم في القيادة في المملكة. ما أضاف مزيدا من الجودة إلى العوائد بصرف النظر عن ميادينها وقطاعاتها.

والسعودية تتمتع بقدرات هائلة في كل المجالات، بما في ذلك موقعها الجغرافي، الذي يوفر لها مزايا هائلة على صعيد التجارة والتصدير وإعادة التصدير، كما أنها تستثمر في مجالات مهمة كالطاقة والصناعة والخدمات. وهذه كلها تؤكد التوجه الشامل والقوي نحو بناء اقتصاد مستدام، لا يشبه ما كان عليه في السابق. فعملية البناء لا تتوقف، والساحة مفتوحة لكل المبادرات، التي تدعم التوجه الاستراتيجي بما يحقق الأهداف الوطنية السامية. والسعودية أثبتت- باعتراف دول مجموعة العشرين- أنها أكثر بلدان المجموعة التزاما بتعهداتها. وهذا يؤكد مجددا قدرة البلاد على الإيفاء بهذه التعهدات بينما تمضي قدما في عملية البناء، وما تناوله تقرير "أوبك" حقائق موجودة على الساحة، ولذلك فإن كل تقدم يجري يسند إلى أسس واقعية وثابتة. واللافت أيضا، أن المشاريع، التي يجري تنفيذها تنتهي في مواعيدها، وبعضها انتهى حتى قبل المواعيد المحددة لها، الأمر الذي يعزز القناعة، بأن المملكة ماضية قدما نحو هدفها باستكمال "رؤية المملكة 2030"، والانطلاق إلى آفاق جديدة.