محمد الساعد

ما الذي يجمع بين هجوم طهران بـ26 صاروخا وطائرة مسيرة على معملي بقيق وخريص السعوديين، والحشد الهائل لإسقاط مصر في وحل الاحتجاجات والمظاهرات من جديد، والتي كانت فيما يبدو جاهزة تماما، وكذلك ظهور وائل غنيم «أيقونة» الاحتجاجات الإخوانية كما وصفوه بها، هم. وأوباما. ويسار أمريكا. خلال ما يسمى بثورة 25 يناير.

لا أظن أبداً أنها كانت مصادفة، ولا أظنها حوادث بلا رابط وبلا مهندس يقف خلفها، محاولا استباق ذكرى اختفاء الصحفي جمال خاشقجي التي ستحل بعد أيام والضجة التي أثارها إعلام اليسار الغربي مدعوما من الدوحة وأنقرة وفلول المقطم.

لقد كانت حملة منظمة ومنسقة، بدأت بالسعودية لأن الرأي استقر في أوكار المتآمرين بأنه لا يمكن لأي احتجاجات أن تنجح قبل إسقاط أو إشغال الرياض.

مؤامرة رسمتها مخابرات 3 دول على الأقل «إيران - قطر - تركيا»، وتساندها في خط مواز منظمات هيومن رايتس ووتش والعفو الدولية ووسائل إعلام يسارية غربية.

السيناريو كان كالآتي..

في 14 سبتمبر تقصف إيران السعودية في تصعيد غير متوقع بادعاء أنه من مسئولية المليشيات الحوثية في اليمن، فترد السعودية من فورها بقصف مدن ومواقع حيوية إيرانية، يحدث اشتباك عسكري يتم فيه إشغال الرياض وإقحامها في حربين أو ثلاث حروب دفعة واحدة، إيران من الشرق والحوثيون جنوبا، على أن تتولى الدعاية التركية والقطرية التأكيد على أن الصواريخ جاءت من اليمن، ويتم تصوير السعودية بأنها دولة متهورة ومعتدية، دعونا نتذكر أن أردوغان صرح يوم 15 سبتمبر بحضور الرئيس الإيراني روحاني بأن الصواريخ قدمت من اليمن ولم تأت من إيران.

الجزء الثاني.. يتولى الأتراك والقطريون الحرب داخل السعودية عبر خلايا الإخوان المرتدين والمرتمين في أحضانهم، مضافا إليها تحريك قطر وإيران لخلايا «شيعية - سنية» ذات علاقة عضوية مع حزب الله والقاعدة وداعش.

في الوقت نفسه كان المسرح يُحضر في مصر، وكانت تقضي الخطة أن يشتعل المشهد المصري بعد الاشتباك السعودي الإيراني، بدءا من خروج الفنان الفاشل «محمد علي» ليكون فتيل الاحتجاجات، الذي اختير بعناية حتى لا يحسب على الإخوان، وأنه قادم من قواعد فنية وليست إسلاموية.

الأتراك تولوا الدعم التنظيمي عبر خلايا وإعلام الإخوان المستقر في إسطنبول، والقطريون تولوا التمويل المالي والدعم الإعلامي من خلال الجزيرة وبقية منصاتهم أو من خلال الإعلام الغربي الممول منهم، إضافة إلى صناعة المشاهد المزورة كما فعلوا في سوريا وليبيا، وفي مصر بداية الاحتجاجات 2011.

الإخوان المسلمون ومن خلال أذرعهم في سيناء وداخل مصر إضافة إلى منظمة حماس، كانوا جاهزين للقيام بعمليات قتالية داخل الأراضي المصرية والانقضاض على المراكز الحيوية وتعطيل خطوط الاتصال ومراكز الأمن والجيش.

لم ينس من جهز المشهد اغتيال أيقونة الثورة السابقة - وائل غنيم - معنويا، الذي بالتأكيد لم يكن خروجه بريئا بذلك الشكل المزري، بل جاء في سياق الدعاية السوداء وتحميل العقل الباطن المصري الذنب بأنه خذل الشباب ومنهم وائل غنيم - كما يزعمون - ودفعهم للانحراف وإدمان المخدرات.

لكن كيف سقط كل ذلك؟

كان لردة الفعل السعودية المنضبطة والمتأنية دوره في تخريب المخطط، لقد وقع كالصاعقة ليس على من رسم وأعد فقط، بل وحتى على الدول الغربية التي سقط بعضها في الصورة الذهنية الكاذبة والمزورة التي رسمها إعلام اليسار المعادي والممول قطريا، فقد فضلت الرياض الانخراط في عمل دبلوماسي محترف، يكشف ويفضح ويدين العدوان الإجرامي الإيراني وخنقه أكثر وأكثر، بدلا من التورط في عمل انفعالي سيدفع المنطقة كلها لحرب كبرى لا يمكن التحكم في نتائجها، مع وجود انقسام غربي واضح، ودخول الحليف الأمريكي في سنة انتخابية.

هذا السلوك السياسي السعودي، فاجأ الإيرانيين والقطريين والأتراك، إضافة إلى من يقف على خط العداء في كندا وبرلين.

لم يكن الأداء السياسي السعودي - الصبور- مفاجئا لمن عرف وخبر الرياض، فهم أهل السياسة وأهل الدهاء، وهذا سبيلهم منذ التأسيس على يدي الملك عبدالعزيز - رحمه الله -، دولة حازمة لكنها حصيفة في قراراتها، وهي من تختار الوقت والمكان والرد المناسب في الحرب والسلم، أي أن من يحاول أن يسحبها لملعبه لا بد أن يعرف أنه يعبث في ساحة الكبار، وأن القرار يصدر من الرياض لا من قم.

&