خالد الطراح

تحول الإعلام الجديد؛ أي نوافذ الاتصال الإلكتروني والتواصل الاجتماعي، إلى مُتنفس ومَخرج للعالم ككل، سواء كان سياسياً أو اقتصادياً أو مهنياً أو ترفيهياً، بين مختلف الفئات العمرية وشرائح المجتمع والمؤسسات والأجهزة الرسمية أيضاً.

فقد اعتمدت معظم دول العالم والمنظمات الإقليمية والدولية على التواصل وتنظيم الاجتماعات الرسمية عبر الاتصال المرئي، فيما وجد عامة الناس في مختلف بقاع العالم الخيار الوحيد في مواجهة العزلة الاجتماعية والتباعد الجسدي بسبب الحظر والجلوس في المنزل، بالتواصل عبر الاتصالات المرئية المختلفة.

خيارات الترفيه وممارسة الهوايات المختلفة لدى الأطفال والشباب وكذلك الكبار من الجنسين انحصرت جميعها في التطبيقات الإلكترونية المتنوعة، فيما اختارت المجاميع الواعية من الأسر والطلبة والتلاميذ طوعياً التعلم عن بعد وتكثيف المعرفة في جائحة كورونا وتداعياتها الاقتصادية والاجتماعية والسياسية، إلى جانب تفرغ البعض الآخر بشكل مكثف للقراءة والمتابعة الإخبارية الإلكترونية من أجل تطوير الذات البشرية معرفياً وثقافياً.

فقد أنقذت تطبيقات الإعلام الجديد الإلكترونية مختلف شرائح المجتمعات والمؤسسات.. واستمرت اللقاءات والاجتماعات الرسمية بين الدول وكذلك الحال عند المنظمات الدولية عبر الفضاء الافتراضي «التفاعلي»، لا سيما المنظمات المعنية بحقوق الإنسان التابعة لهيئة الأمم المتحدة، بهدف الوقوف على التطورات المتسارعة والمستجدات الناتجة عن جائحة كورونا العالمية وأثرها على حقوق الإنسان من سجناء الرأي والفقراء وغيرهم.

اقتصادياً، أصبحت أداة التسويق للأغراض التجارية والاستهلاكية وتوفير الخدمات المتنوعة عبر التطبيقات الإلكترونية، كبديل واعد في مواجهة الكساد الاقتصادي الذي اجتاح العالم ككل من دون أي استثناء.

سياسياً، عكس الإعلام الجديد، وتحديداً منصات التواصل الاجتماعي كتويتر، واقعاً سياسياً أكثر وضوحاً قبل ولادة العدو الفيروسي الشرس، كورونا، فالحجر الجزئي أو الكلي ساهم في بلورة آراء ومواقف شابها بعض الغموض والتردد قبل الجائحة.

لقد كشفت المعلومات المتدفقة على مدار الساعة في مختلف بقاع العالم عبر الفضاء الإلكتروني عن الجانب الإيجابي في العديد من الدول لمنصات ومواقع ووسائل التواصل الإلكترونية، التي ساهمت بشكل كبير في توفير فرص التواصل وعدم توقف عجلة تبادل المعلومات، وتعرية حجم التهميش والتهاون والإهمال من قبل حكومات سلطت جل اهتماماتها على فرض قيود رقابية على المُتنفس الوحيد والمخرج الأوحد في ظل التحديات الواضحة حالياً والمجهولة مستقبلاً.

فبدلاً من استثمار فرص دراسة ورصد اتجاهات الرأي العام والاستفادة منها في استشراف العالم ما بعد كورونا، انطلقت حملات التعتيم ضد القيم الاجتماعية والحريات!

هناك أنظمة تتعلم الدروس وأخرى تتجاهل، بينما الضحية هي الشعوب!