جاء خطاب خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، واضحا وصريحا وداعيا إلى التعايش والسلام والاعتدال وتكاتف الدول والشعوب في مواجهة التحديات المشتركة، مع التركيز على حل قضية فلسطين حلا عادلا يقوم على مبادرة السلام العربية، التي قدمتها المملكة والتي تضمنت حصول الشعب الفلسطيني على كامل حقوقه، وفي مقدمتها دولة مستقلة عاصمتها القدس الشرقية.وهذه المضامين هي محور الخطاب السعودي للعالم منذ انضمام السعودية للأمم المتحدة في 1945. ومع بلوغ هذه المنظمة الدولية عامها الـ75 الإثنين الماضي شاركت السعودية بكلمة شاملة وقوية بصفتها عضوا فاعلا في مختلف المهام، التي تقوم بها الأمم المتحدة ولا سيما في معالجة القضايا بالحوار وتقديم المساعدات الإنسانية ومكافحة الإرهاب. وهذه المواقف المشرفة أكدها الخطاب السعودي أمام المنظمة العالمية منذ أول خطاب ألقاه الملك سعود في 1957 ثم الملك فيصل في 1962.
وعودة إلى كلمة خادم الحرمين الملك سلمان بن عبدالعزيز أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة أقول، إن السعودية من خلال خطابها السنوي تدرك أهمية هذا المنبر العالمي، لوضع الحقائق أمام العالم حول أهم القضايا الأمنية والاقتصادية والسياسية الراهنة، وكيفية معالجتها بواقعية وتفاهم وتقديم حلول من شأنها دعم الأمن والاستقرار في العالم. ويكتسب الخطاب السعودي هذا العام أهمية خاصة بوصفها رئيسا لمجموعة العشرين، والقائد الفعلي للعالمين الإسلامي والعربي، إضافة إلى دورها المحوري في محاربة التطرف والإرهاب ومعالجة التحديات العالمية المتعلقة باستقرار أسواق الطاقة. وتبقى الإشارة إلى جهود مهمة لا أحد ينكرها، وهي أن تعامل السعودية مع جائحة كورونا كان مميزا على مستوى العالم ليس فقط من جهة الحزم والإجراءات لحماية مواطنيها والمقيمين فيها، وإنما أيضا تعاونها في مكافحة هذه الجائحة عالميا من موقعها كرئيسة لمجموعة العشرين، وهذا يظهر صدق التزامها بالتكاتف بين دول العالم وشعوبها في مواجهة التحديات المشتركة.
وأخيرا: إضافة إلى الصراحة والوضوح يبقى الخطاب السعودي للعالم مميزا، بأنه لا يطلب أي مساعدة خاصة لهذه البلاد من أي جهة كانت، والفضل في ذلك لله أولا ثم لقيادة تدير مواردها وفق "رؤية 2030" التي تجعلها قادرة على تمويل التنمية في جميع المجالات داخليا، وتقديم المساعدات الإنسانية للدول المحتاجة حتى بلغت مساعداتها أكثر من 86 مليار دولار استفادت منها 81 دولة، وكان آخرها تقديم 500 مليون دولار لمكافحة جائحة كورونا عالميا، وأهلها ذلك لصدارة الدول المانحة على مستوى العالم.