رغم أن صخب الرسوم المسيئة فى باريس قد هدأ قليلًا، فإن فرنسا أرسلت مؤخرًا إشارتين فى القضية، من الضرورى أن نتوقف أمامهما، لأنهما يستحقان الالتفات إليهما والتأمل فيهما!

الإشارة الأولى هى تأكيد الحكومة فى العاصمة الفرنسية على أن السلطات هناك تواجه «الإسلاموية» فى القضية المثارة، ولا تواجه ديانة معينة على وجه التحديد!

والكلمة التى بين الأقواس تستخدمها الصحافة العربية كثيرًا، ولكنها ليست شائعة عندنا، غير أن ما يوازيها لدينا هو الإسلام السياسى بمعنى من المعانى!.. وسواء استخدم المتحدث كلمة الإسلاموية أو عبارة الإسلام السياسى، فالمعنى فى الحالتين إما أن يكون ممارسة العنف باسم الدين، أو أن يكون توظيفًا للدين لتحقيق أهداف سياسية فى النهاية!

وهذا التوظيف يكون بالعنف تارة، كما تابعنا جميعًا فى حادث مقتل مدرس التاريخ فى باريس، وفى حادث مقتل ثلاثة من الفرنسيين داخل كنيسة نوتردام فى مدينة نيس الفرنسية، أو يكون بغير العنف كما حدث من جانب الإخوان قبل 25 يناير، ثم بالعنف من جانبهم أيضًا بعد أن خسروا السلطة!

هذه فى المجمل إشارة فرنسية معتبرة لابد من التوقف أمامها لأنها تفرق بين الإسلام وبين الذين يتصرفون خطأ تحت مظلة الإسلام، ولأن فيها عودة فرنسية عن الخلط بين الدين الإسلامى وبين سلوك الذين يحملون هذا الدين.. وهو خلط جرى فى غمرة انفعال باريس بحادث مقتل مدرس التاريخ، الذى لا يقبل به مسلم عاقل، كما لا يقبل كذلك بنشر رسوم تسىء إلى نبى الإسلام!

والإشارة الثانية هى الحديث الفرنسى غير المباشر عن أن ما حدث للمدرس والقتلى الثلاثة لا يمكن فصله عن الدعوات الحاقدة التى يطلقها رؤساء أجانب!.. ولو شاء الفرنسيون لكانوا أكثر تحديدًا فى هذه الإشارة، وكانوا قد قالوا إنها فى الحقيقة كانت دعوة حاقدة واحدة لا دعوات، وإن صاحبها اسمه رجب طيب أردوغان، الذى دخل فى ملاسنات مع الرئيس الفرنسى طوال أسابيع مضت!

لو شاء الفرنسيون لكانوا قد قالوا هذا بوضوح، لعل الناس فى هذه المنطقة وفى غيرها يعرفون أن فى تركيا رجلًا يغذى التطرف وينتصر للعنف ويمدهما بأسباب الحياة!.