تخطى مؤشر مخالفات ديوان المحاسبة في الجهاز الحكومي على المستويين الاداري والمالي، ليشمل مؤخراً التلوث البيئي نتيجة «ضعف التنسيق بين الهيئة العامة للبيئة ووزارة الداخلية بشأن تطبيق معايير جودة الهواء على المركبات».

دق ديوان المحاسبة أجراس الإنذار في شتى المخالفات ضمن مختلف الوزارات والأجهزة والجهات التابعة خلال عقود من الزمن، ولكن الديوان يقرع مؤخرا ناقوس التلوث البيئي، حيث ورد في تقرير ديوان المحاسبة خلال عامي 2017 و2018 مقارنة بـ2016 زيادة مخاطر ضعف التنسيق بين جهتين حكوميتين، وهما وزارة الداخلية والهيئة العامة للبيئة.

قدم الديوان جملة من التوصيات الفنية والإدارية لمعالجة التلوث البيئي والمحافظة على معايير جودة الهواء وضرورة إيجاد آليات تحذير بيئية للمواطنين والمقيمين حفاظًا على الصحة العامة، حيث ربط الديوان بين عدد المرضى الكويتيين بالجهاز التنفسي في خلال عامي 2016 و2017 الذين بلغ عددهم 27233، بينما بلغ عدد الوفيات من مواطنين كويتيين 33 موطناً من بين 66 حالة وفاة خلال العامين المذكورين.

جودة الهواء هدف غاية في الاهمية صحياً وبيئياً، فمعالجة التلوث البيئي لا تقتصر على الجماعات المهتمة بهذا الشأن، وإنما في الواقع اصبحت مطلباً اجتماعياً وسياسياً اساسياً في كل الدول، وخصوصا التي تدرك تلك الجوانب الصحية والبيئية.

المعضلة التي ركز عليها ديوان المحاسبة في مخالفته حول التلوث البيئي تتعلق اساساً بغياب التنسيق والتعاون العملي والفعلي بين وزارات وجهات حكومية، ولكن واقعنا مختلف في هذه الظروف السياسية!

تستعجل الحكومة ـ كالعادة - انشاء هيئات حكومية وذات امتيازات مختلفة، ولكن في المقابل، الحكومة نفسها، تتهاون حيناً وتتجاهل في معظم الاحيان سد الثغرات القانونية والإدارية حتى تستطيع كل مؤسسة وجهة حكومية القيام بمهامها كما نص عليه القانون، فمثل هذه الامور ليست في سلم اولويات الحكومة في المقام الأول!

قبل سنوات شهدت دبي مؤتمرا عن المواصلات العامة والتلوث البيئي، وخصوصا التلوث الناتج عن عادم الحافلات (باصات المواصلات العامة)، التي تستخدم الديزل، وورد في خبر لإحدى الصحف الخليجية مداخلة لناشط كويتي في مجال التلوث البيئي في الكويت عن الاثر السلبي لهذا التلوث، الذي يلف شوارع الكويت على مدار الساعة.

جاء الرد من ممثل تنفيذي أجنبي لشركة مواصلات خاصة في الكويت بحصر المشكلة «بعدم جودة الديزل» في الكويت، والمشكلة لا تتحملها الشركات المختصة، وهو ملف لم يحظ بالتوضيح الرسمي عن مدى صحة هذه الادعاءات ولم تتم معالجة التلوث البيئي الناجم من الديزل للحافلات.

فشوارع الكويت تئن من رعونة في قيادة الحافلات وسيارات الاجرة، وتئن ايضا من تلوث بيئي وعدم جودة الهواء، الذي يتضرر منه الاصحاء والمرضى على حد سواء، من دون أن نلمس تغييراً في عمل وسياسات الجهات الحكومية المعنية.

أما مصير مؤشر مخالفات ديوان المحاسبة فهو إحالة الملف للدراسة حكومياً كباقي ملفات المخالفات الى ديوان المحاسبة!.