مصرف أردني ابتاع فروع “بنك عوده” في مصر والعراق والاردن، وهذا مؤشر مهم جداً الى التفاوت مع حفاظ الاردن على حرية التحويل.
الاردن كيان تحددت حدوده عام 1920 نتيجة اتفاقات سياسية بريطانية – فرنسية. والعائلة الهاشمية تعاملت مع تقزيم دورها بتقية علاقتها بالقبائل والتروي في شأن المواجهات، وصارت بعد قيام اسرائيل، الكيان الذي استقبل اكبر عدد من المهجرين الفلسطينيين، وبات استقرار الاردن معلقًا على تناغم الفلسطينيين مع القيادة الهاشمية على رغم اغتيال الملك عبدالله.
اواخر الستينات، حاول ياسر عرفات مع مسلحيه السيطرة على الحكم في الاردن، وجُبِه الطموح الفلسطيني غير المبرر بصلابة شخصية الملك حسين الذي سانده الجيش الاردني بقوة للتغلب على محاولة عرفات تسلّق الحكم. وخلال تلك الحقبة المشحونة قرر الرئيس السوري حافظ الاسد ارسال عدد كبير من الدبابات لمساندة المقاتلين العرفاتيين.
كانت النتيجة تدمير الدبابات السورية من قِبل الجيش الاردني وتصاعد استغاثة عرفات بالقادة العرب لإنقاذ مقاتليه الذين ارادوا ازاحة الملك حسين عن قيادة الاردن.
الرئيس السوري، الذي كان على خلاف مع الملك حسين يفوق في حدته خلافه مع عرفات، ساعد الفلسطينيين على الانسحاب من الاردن والتوجه عبر سوريا الى لبنان، ومنع حافظ الاسد مقاتلي عرفات من الاستقرار في سوريا.
استمر حكم الملك حسين الذي تمكن من استقطاب مساعدات اميركية سواء على صعيد امدادات القمح الاميركي، او تأمين منح للأردنيين والفلسطينيين الحائزين الجنسية الاردنية للدراسة في الولايات المتحدة، اضافة الى اعانات مالية. وخلال فترة الحرب العراقية – الايرانية حصل الاردن على مساعدة مهمة تمثلت في توفير العراق النفط الخام للتكرير في الاردن لكفاية الحاجات المحلية، كما حصل لاحقاً على مساعدة نفطية من السعودية.
الاردن البلد الصغير رأس ماله حكمة الملك حسين الذي حقق مقدارًا من التفاهم مع عدد من رجال الاعمال الفلسطينيين. وخلال الحرب العراقية – الايرانية فتح الاردن ابوابه للاجئين العراقيين، وتوافر له تدفق رأسمالي مع عدد من المهجرين العراقيين.
تدريجًا استطاع الاردن تحقيق معدلات نمو مقبولة، وكان ذلك بسبب حكمة الملك حسين واتكاله على الكفايات الفلسطينية، واللبنانية خلال الازمة التي شهدها لبنان نتيجة طموح عرفات بالسيطرة على القرار اللبناني، ومواجهته بالمقاومة اللبنانية وتعرّض لبنان ما بين 1967 و1982 لحرب اهلية طاولت ارضية الانجازات اللبنانية التي حققها حكم الرئيس فؤاد شهاب ما بين 1958 و1964، اضافة الى توسيع استقطاب لبنان للاستثمارات الاجنبية خلال رئاسة كميل شمعون ما بين 1952 و1958، والذي كان على علاقة صداقة مع الملك حسين، كما كان لبعض اللبنانيين ومن ابرزهم المرحوم علي غندور، دور ايجابي في تطور الاردن خصوصا في مجالات السياحة والاعلام المرئي.
اليوم نشهد التفافًا حول الملك عبد الله الثاني في مقابل التحدي الذي حاول شقيقه من والده تصعيده، ونشهد ايضا تأييدا له من الزعماء العرب، وربما الاهم من كل ذلك ان الاردن حقق قفزات انمائية وتجهيزية لم يحققها لبنان، واصبح مستوى المعيشة فيه متقدماً لـ 8-9 ملايين من سكانه بينهم نسبة ملحوظة من الفلسطينيين والعراقيين، وبعد تفجر الاوضاع في سوريا، من السوريين، وهؤلاء يبلغ عددهم مليونا واكثر كما هو الوضع في لبنان.
وعلى رغم ازدحام أعداد المهجرين في الاردن ونتائج اشتراكه في حرب 1967 التي خسرتها القوات العربية المشتركة ما بين مصر وسوريا والاردن، حقق الاخير نجاحًا في تطوير اقتصاده وتجهيزاته الاساسية سمح له بان يتجاوز معدل الدخل الفردي المستويات المتدنية للدخل الفردي في سوريا ولبنان، علمًا ان سوريا تعاني من فقدان الحكم المركزي والقدرة على تسيير الشأن العام، وعجز النظام اللبناني منذ عام 2014 عن إحراز اي تقدم وعن استقطاب الاستثمارات، والمشارفة على الافلاس.
لماذا هذا الفرق ما بين الاردن ولبنان؟
الفرق الاساسي يعود الى خيار اسسه وركزه الملك حسين خلال توليه قيادة الاردن قبل وفاته، فهو اختار ان يتولى الشؤون الوزارية شبان تلقوا علومهم في الولايات المتحدة وبريطانيا، وتعرفوا الى وسائل ادارة الشأن العام في مناطق دراساتهم.
كما ان الملك حسين شجع على تنامي السياحة سواء لزيارة المعالم الاثرية او للتمتع بفرص السياحة في مناطق اصبحت تعج بالمنشآت الحديثة، كالعقبة. وبعد غياب الملك حسين استمر الحكم في اختيار الاكفاء والانفتاح على العالم.
من اهم معالم الانفتاح انجاز حقل للطاقة الشمسية قدرته توازي 1000 ميغاواط – اي ما يزيد على الطاقة المتوافرة في لبنان – وهم ينتجون الطاقة هذه بكلفة 7 سنتات للكيلوواط/ ساعة مقابل 28 سنتًا عندنا، اضافة الى خسارة 40% على خطوط نقل الطاقة وسرقتها فتصبح الكلفة 40 سنتًا للكيلوواط/ ساعة، ونغرق في الإفلاس بسبب انعدام سياسات الطاقة الرشيدة، ورئيسنا يهدد وزيرين بضرورة تسهيل التدقيق الاجرامي لحسابات البنك المركزي… ويتناسى ان التدقيق المطلوب هو في حسابات وزارة الطاقة المسؤولة عن 65% من الدين العام واستهلاك الاحتياطات المالية بالعملة الاجنبية.
الاردن يعيش القرن الحادي والعشرين ورئيسنا يدفع البلد نحو ممارسات عقد العشرينات، أي عقد تفشّي الافلاسات.
التعليقات