في الخامس من رمضان 1431هـ فُجع الوطن والمواطن بوفاة الإداري الدبلوماسي الأديب “غازي القصيبي”، وكان لذلك الرحيل وقعه الصعب على الجميع لأنه لامس مشاعر الجميع.
فقد كان شخصاً مختلفاً بطاقته الإيجابية وشغفه للعمل والبذل والعطاء والرؤية المستقبلية التي سبق بها الكثيرين، ويقيني أنه سيكون أشد المسؤولين فرحاً وتفاعلاً مع رؤية السعودية 2030 التي جاءت لتحقق طموحه الذي كان يتحدث عنه ولذلك أثق بالتوافق بين “القصيبي والرؤية”.
كان “رحمه الله” أكثر المراهنين على شباب الوطن من الجنسين وكان يدافع عنهم أمام من يتهمهم بالكسل وعجزهم عن مزاحمة غير السعوديين في القطاع الخاص، فكانت كلماته المؤثرة: “كيف تنجح السعودة وأنتم لا تثقون بالشباب السعودي، أعطوهم فرصة وسيبهرونكم”، وكان في نفس الوقت يوجه رسائله للشباب لحثهم على تشمير سواعدهم والدخول للعمل الميداني بعيداً عن المكاتب، وكأني أرى اليوم تناغم “القصيبي والرؤية”.
كان “غفر الله له” وطنياً بدرجة امتياز لا يضاهيه أحد، فقد سخر وقته ولسانه وقلمه للدفاع عن الوطن في أحلك الظروف، ولن ينسى الإعلام السعودي عموده الصحفي الشهير “في عين العاصفة” الذي بدأ بعد غزو الكويت بأيام وتحديداً في 20 أغسطس 1990 وتوقف بعد تحريرها بعدة أشهر حيث كتب مقاله الأخير في 14 يوليو 1991، وستبقى صحيفة “الشرق الأوسط” فخورة بتلك السلسلة التي أكد من خلالها مقولته الشهيرة: “الوطن هو رغيف الخبز والسقف والشعور بالانتماء والدفء والإحساس بالكرامة”، فكان شعوره بالمواطنة الحقيقية طاغياً على كتاباته وفكره وسلوكه ولذلك أرى الكثير من التوافق بين “القصيبي والرؤية”.

تغريدة tweet:
كنت في رمضان 1431 قد كتبت مقالي الأول في وداع المغفور له بإذن الله “غازي القصيبي” وقد قطعت على نفسي عهداً بأن أكتب عنه مقالاً في كل رمضان قادم مادام في القلم حبر وفي الرأس فكر، وهذا مقالي الثاني عشر في ذكرى وفاته التي ألقت بظلالها على الكثير من أبناء الوطن الذين عايشوه وزيراً للصناعة والكهرباء والصحة والمياه والعمل، وقد كنت محظوظاَ لأنني درست الدكتوراه في “لندن” وقت أن كان سفيراً فيها، فكان لقاء الأربعاء في السفارة يوماً ننتظره بشغف لأنه يحمل الجديد من الفعاليات التي تربطنا بالوطن ورجالته الزائرين لمدينة الضباب، وعلى منصات غازي القصيبي نلتقي،