تنتقل دبي إلى مراحل جديدة من تعزيز قوة اقتصادها وتنوعه، عبر توجه استراتيجي للتحول إلى مركز للصناعات المستقبلية، مستفيدة من القدرات الهائلة التي تميزها بعد أن أثبتت تنافسيتها العالية في ربط التجارة والأفراد، واستدامة أنشطة الأعمال، والنجاحات التي حققتها في تنمية هذا القطاع، ما جعل منها اليوم مركزاً للصناعات المتنوعة في المنطقة، إضافة إلى الأرضية التي مهدتها أمام الأعمال القائمة على المعرفة والابتكار والاستدامة، وجاذبيتها الاستثنائية للاستثمارات الأجنبية الضخمة في كافة القطاعات.

هذا التوجه الاستراتيجي، الذي دعمه حمدان بن محمد، أمس، بإسناد مهمة تطوير القطاع الصناعي لمؤسسة دبي لتنمية الصناعة والصادرات كاختصاص جديد لتوحيد جهود الارتقاء بدبي مركزاً للصناعة المستقبلية، يرتكز إلى إدراك عميق بأن الصناعة باتت عصباً مهماً لاقتصاد قوي ومتنوع ومستدام، وهو ما قطعت دبي فيه أشواطاً كبيرة بفضل رؤية محمد بن راشد التي مكنت الإمارة من ترسيخ بنية تحتية وبيئة أعمال توفر دعائم صلبة لتطلعاتها، ولديها اليوم، كما يؤكد حمدان بن محمد، «كل المقومات اللازمة لتنفيذ أهداف الاستراتيجية الصناعية الرامية لإضافة 160 مليار درهم إلى الناتج المحلي الإجمالي لدبي بحلول العقد المقبل».

الأرقام في هذا المجال هي الأصدق والأكثر دقة، فقد ارتفع عدد الشركات العاملة في قطاع الصناعة بدبي من 3466 شركة في 2006 إلى 6728 شركة في 2021 وبمعدل نمو 94.1%، وهي قفزة هائلة، تشير مع النمو في عدد المستثمرين في القطاع، والذي وصل إلى 33548 مستثمراً، إلى أن دبي تمضي بالقدرات المتنامية لهذا القطاع بتسارع تتضاعف نتائجه بزمن قياسي، وهو ما يعطي قوة دفع أكبر لاستراتيجية دبي الصناعية 2030، وخصوصاً مع إطلاق مرحلتها الثانية.

مع هذه القفزات أصبح المسار واضحاً، ويستند إلى خطط مدروسة تعمل دبي من خلالها، بالتكامل مع الاستراتيجية الوطنية «مشروع 300 مليار»، على عدة محاور في مقدمتها دعم الصناعات الوطنية والترويج لصادراتها في الأسواق العالمية، وتوفير بيئة استثمارية أكثر جاذبية وتنافسية للقطاع الصناعي، وإنشاء إطار تنظيمي مستقبلي لصناعة مبتكرة وذكية، وجذب الصناعة المتقدمة والريادية، إذ توفر دبي في هذا الجانب فرصاً غير مسبوقة للصناعات عالية التقنية، وكذلك للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة على السواء.

دبي اليوم تفكر خارج الصندوق، بمبادرات ومشاريع تتجاوز سقف التوقعات، لتشيّد أعمدة ورافعات جديدة لاقتصاد مستقر وقوي ومتنامٍ باستمرار، بمحركات تولّد الفرص، ومنظومات تتكامل مع الأسواق العالمية، وتقدم إسهامات مهمة في الارتقاء بصناعات المستقبل الحيوية، لتكون مركزاً عالمياً ريادياً لهذه الصناعات وحلولها وابتكاراتها.