تشهد الشقيقة تونس هذه الأيام أكبر أزمة سياسية مرت بها منذ ثورة ربيع 2011، حيث أقال رئيس الجمهورية (قيس سعيد) رئيس الحكومة (هشام المشيني) وقرر تجميد عمل البرلمان ورفع الحصانة عن أعضائه كمخرج من الأزمة السياسية الحادة والوضع الاقتصادي المتردي الذي هي عليه البلاد، وقد لاقت تلك القرارات ردود فعل إيجابية من قبل الشعب التونسي الذي خرج مبتهجًا، وجابوا شوارع المدن التونسية على أمل أن تساهم هذه القرارات في الخروج بالبلاد من أزمتها الاقتصادية والسياسية.
وفيما يرى (حزب النهضة) بأن الإجراءات التي لجأ إليها رئيس الجمهورية -كما جاء في بيانه الصحفي– خرقًا للدستور والقانون، واعتداءً على مقتضيات الديمقراطية واستفراد بالحكم، وتضيف مخاطر جديدة إلى معاناة الشعب التونسي بضرب الاستقرار والأمن الاجتماعي والاقتصادي، وإنها لا تمثل حلا للمشاكل المركبة والمتراكمة، فإن الدولة ترى على لسان وزير خارجيتها، بأن التدابير الأخيرة تتدرج في إطار تنظيم مؤقت للسلطة إلى حين زوال الخطر الذي يهدد الدولة ويعرقل سير مؤسساتها. وفي لقاء مع صحيفة (نيويورك تايمز) صرح الرئيس (قيس) (بأن من سرق أموال الشعب لابد أن يعيدها للشعب، مهددًا بقوله، لن أتركهم ينهبون الشعب، ويضربون الدولة، ويهددون المؤسسات).
هناك صراع خفي يدور خلف الكواليس بين الرئيس ورئيس الوزراء والبرلمان، وهو ما قاد إلى تلك الأزمة التي تمر بالبلاد، وتعطيل محاولات الإصلاح الاقتصادي، وقد استبق هذه المرحلة استطلاع أجراه (المعهد الجمهوري الدولي) أكد أن 85% من التونسيين يعتبرون أن الحكومة لا تفعل شيئًا لتلبية احتياجات المواطن، في حين يعتبر 88% أن الأمر نفسه ينطبق على مجلس النواب، وهناك من الأحزاب المعارضة اقترحت استبدال النظام البرلماني بنظام رئاسي، وفي كل الأحوال فالانقسامات السياسية هي من وضعت البرلمان التونسي عمليًا أمام طريق مسدود، وحكومة (هشام المشيني) هي تاسع حكومة في غضون (10) سنوات منذ انتفاضة (2011)، وجاءت باختيار رئيس الجمهورية لرغبته في تشكيل حكومة مستقلة عن الأحزاب للنأي بالبلاد عن سياسة المحاور والصراعات السياسية، ويبدو أن الرئيس توصل إلى قناعة بأن هذه الحكومة لم تلبي تطلعاته وتطلعات الشعب التونسي.
وماذا بعد؟! (الغنوشي) رئيس البرلمان، دعا في تصريحات لوسائل إعلام أجنبية إلى تنظيم حوار وطني، وأكد على أنه في حال لم يتم التوصل إلى اتفاق بخصوص الحكومة المقبلة وعرضها على مجلس النواب فإنه سيدعو الشارع للدفاع عن ديموقراطيته والتحرك من أجل رفع الأقفال عن مجلس نواب الشعب، وهناك من يرى -كما كتبت صحيفة (الصحافة) التونسية– بأن الرئيس استبق انفجارات مجتمعية متوقعة وأنهى مرحلة مهترئة، وهو يتحرك الآن من أجل خلق أمر واقع جديد بأفق سياسي آخر.
دول عدة من التي تنشد الاستقرار لتونس وعلى رأسها المملكة هبت لاحتواء هذه الأزمة والوقوف إلى جانب الشعب التونسي الشقيق.
التعليقات