بعد أقل من شهر على الغزو العراقي لدولة الكويت في 2 أغسطس 1990، صدر بيان سياسي للمعارضة الكويتية في 19 أغسطس 1990 لرموز من العمل القومي والوطني، وقد يكون غائباً عن ذاكرة التاريخ عموماً والذاكرة الكويتية تحديداً.

وقّع على بيان المعارضة الكويتية في الأيام الأولى من الغزو العراقي لدولة الكويت، الرمز الراحل جاسم القطامي، والدكتور أحمد الخطيب أطال الله بعمره ومدّه بموفور الصحة، والراحل الدكتور أحمد الربعي، وجاء ترتيب الأسماء حسب السن لكل منهم.

كُتب بيان المعارضة الكويتية بأسلوب لغوي حمل جزل المعاني والمفردات الحاسمة والموقف السياسي القاطع، الذي لا يحتمل التأويل ولا الالتباس.. بيان صادر من وجدان عروبي وكويتي عميق الخبرة السياسية، وصادق بتمسكه بالشرعية الكويتية إبان الغزو العراقي لدولة الكويت.

خاطبت الشخصيات الكويتية الثلاث الأمة العربية والمجتمع الدولي ككل، مشددة على خطورة ما جرى فجر الثاني من أغسطس 1990 من قبل جحافل النظام العراقي وجزاري الأبرياء تنفيذاً لمخطط طاغية العراق صدام حسين.

فقد طرز السياسيون، القطامي ود.الخطيب ود.الربعي، بيانهم بالحس العروبي والوطني ووجهت سهام أقلامهم، وسخرت حناجرها بالتوجه إلى المجتمع الدولي والعربي على حد السواء، في بيان حمل دقة الحنكة السياسية بوقت عصيب للغاية.

كان الهدف من بيان المعارضة الكويتية في مطلع الغزو العراقي لدولة الكويت حسم «عدم السماح بخلط الانشقاق داخل الشارع العربي بسبب سوء الفهم أو نقص المعلومات أو تسارع الأحداث».

تداعت المعارضة الكويتية إبان الغزو العراقي، كل من موقع إقامته خارج الكويت، إلى التصدي الحازم للوضع المأساوي، الذي واجهته الكويت دولةً وشعباً، لتكون «الصورة جلية لكل عربي مخلص تهمه مصالح الأمة العربية ويهمه توحيد الشارع العربي ضد العدو المشترك».

ركز البيان السياسي للمعارضة الكويتية على «الموقف من الاحتلال والموقف من السلطة في الكويت والموقف من القوات الأجنبية»، بمفردات واضحة وحاسمة سياسياً وواقعياً، من دون تجاوز الخلافات التي «كانت قائمة» بين المعارضة و«السلطة» والموقف من الديموقراطية.

ووضع بيان القطامي والدكتور الخطيب ود.الربعي حداً حازماً للجدل المُثار والظنون التي روّج لها النظام العراقي الغازي، بتأكيد الاعتراف بـ«السلطة الكويتية التي حددها الدستور وهي السلطة الشرعية الممثلة في الأمير الشيخ جابر الأحمد الصباح».

وشددوا على أن «خروج القوات العراقية من الكويت وعودة الشرعية إليها سيجعلان الدعوة لخروج القوات الأجنبية أمراً متفقاً عليه من الجميع، وسيكون مطلباً لا تجد القوى الاجنبية بداً من التسليم به، فالقوات الأجنبية جاءت بعد التعنت العراقي ورفضه كل المبادرات».

نبهت الشخصيات الكويتية الثلاث من «الظروف التي تمر بها المنطقة هي ظروف خطيرة على مستقبل النضال العربي، وهي ظروف اختلطت بها الأوراق بشكل يخدم مصالح اسرائيل وحلفائها، وهو ما يشدد على الانتماء القومي حتى في أحلك الظروف التاريخية».

ودعت المعارضة الكويتية في ختام بيانها «إننا ندعوكم جميعاً ومن منطلق الحرص على مستقبل الأمة العربية ووحدة كلمتها وتوحيد جهودها ضد العدو الرئيسي للوقوف ضد الاحتلال العراقي للكويت وإدانة هذا الاحتلال بكل الوسائل المتاحة والممكنة».

أعيد نشر- بمزيد من التفصيل- نص بيان المعارضة الكويتية الذي صدر في 19 أغسطس 1990 بعد وقوع بصري عليه ضمن المجلد الرابع من مجموعة الغزو العراقي لدولة الكويت في 2020، لأهميته وفحواه وتحديداً تاريخه، تأكيداً على التضامن السياسي للمعارضة.

بالتأكيد إنها ليست منّة سياسية من وقع على هذا البيان، ولكنه برهان ساطع على التلاحم الوطني والشعبي الكويتي، الذي ينبغي ألا يغيب عن البصيرة الرسمية حتى اليوم والمستقبل.

إن الإصلاح السياسي الشامل ينبغي أن يقوم على أساس التعاون الصادق مع أطياف الشعب الكويتي كافة، دون تهميش لاتجاهات الرأي والمواقف السياسية، وعدم تناسي مواقف بطولية للشعب الكويتي في الداخل والخارج إبان الغزو العراقي لدولة الكويت.

كلمتي الأخيرة: لا تنسوا مؤتمر جدة وميثاقه، والملاحم البطولية، فالغزو العراقي لن يمحوه من الذاكرة رغد العيش أو تحديات مالية واقتصادية وسياسية طارئة حالياً ومستقبلاً.