احتفلنا يوم أمس الأول بعيد الأم، التي لا تحلو الحياة بدونها، ويتساءل البعض، ماذا نفعل لها هذا العام؟ فالهدية التقليدية لا تكفي للتعبير عن حب ست الحبايب، تلك التي تضحي، وتكذب دائما من أجل راحة أبنائها، كأن تقول لست مريضة حتى لا يحزن الأبناء من أجلها. وتقدم سلسلة من التضحيات من أجل أعز الحبايب. فالاحتفال يوم واحد لا يكفي لمن الجنة تحت أقدامها، ولكنها مناسبة مهمة لنتذكر فيها الأمهات المنسيات اللاتي غفل عنهن الأبناء جحوداً، وتتعدى صور هذا التجاهل أو «العقوق» لأمهات أفنين أعمارهن من أجل أبنائهن، كالأمهات اللاتي تخلص منهن الأبناء بإيداعهن في دور المسنات أو المستشفيات «بحجة العلاج»، وتركوا أمهاتهم يتجرعن مرارة الوحدة والنكران، يشترين الحب بالعذاب، فلا يجدن مشتريا، إلا مزيدا من الآلام وإذا اشتقن إلى فلذات أكبادهن، لن يجدن إلا «صورا» يحكين لها مرارة الجحود! وهالني ما قرأت عن حادث وقع في بلد عربي شقيق عندما ماتت مسنة ولم يكتشف أحد جثتها إلا بعد شهر من الوفاة بعد أن هجرها الأبناء، وأصبح لكل امرئ منهم شأن يغنيه عن أغلى الأحباب، ومسنة أخرى تستجير بأبناء الجيران لمساعدتها في الذهاب بها إلى الطبيب ليداويها لأنها لا تستطيع التحرك بعد أن أثقلها المرض، وجحدها الأبناء!

ونماذج مخزية عديدة أخرى لا أحب تذكرها لكن وجب في هذه المناسبة الإشارة لها «للتذكير!» وذلك لمسنات يتسولن عطف وحنان من أفنين حياتهن من أجلهم، فهل جزاء إحسانهن التجاهل حتى في عيد الأم!

بالطبع لا. فالأم التي صبرت صبراً جميلاً، وسهرت وربت ورعت، وتحارب من أجلهم على الدوام، فليتكاتف الأبناء لينالوا برها ومساعدتها، ليس في عيد الأم فقط وانما طيلة العام.

وفي هذا اليوم أنبه الأمهات والآباء إلى عدم صناعة ابن عاق بتدليلهم الزائد والاستجابة لكافة طلباتهم أو عدم معاقبتهم عند الخطأ، عندها قد لا يدرك الأبناء قيمة بر الوالدين، فمن أمن العقوبة أساء الأدب!

أما عن هدية عيد الأم فهي للتعبير عن العرفان بالجميل للأمهات وكل حسب مقدرته فميسورو الحال يقدمون لأمهاتهم الهدايا الثمينة التي تعجبهن، ومن لا يملكون شيئا فيكفي وردة أو كارت معايدة أو قبلة على جبين ست الحبايب التي حتما ترضى بأقل القليل، والمهم هو بر الأبناء بهن.

والتعازي في هذا اليوم لمن فقدوا أمهاتهم وينبغي البر بأحبائهن ووصلهن والتصدق عنهن والدعاء بالترحم عليهن وكل عام وكل الأمهات، في مشارق الأرض ومغاربها بخير.