الأسهم أداة من أدوات التحوط من التضخم ويمكننا الاستشهاد بالتضخم الجامح الذي أصاب ألمانيا في عشرينيات القرن الماضي، حيث كانت الأسهم أفضل مكان للاستثمار والتحوط من مخاطر التضخم، ولا تزال الأسهم حتى اليوم تؤدي هذا الدور بكفاءة، على سبيل المثال: متوسط العائد السنوي لمؤشر "ستاندرد آند بورز 500" يقدر بـ 10 في المائة وهو أعلى من معدل التضخم السنوي 7.9 في المائة، لهذا فالأسهم وسيلة تحوط طويلة المدى لكنها على المدى القصير تتطلب اختيار قطاعات لها قدرة على مقاومة التضخم، أما على المدى الطويل فلها خاصية بناء الثروة إلى جانب تخطي التضخم، وهذا يعني أن القيمة النقدية للمحفظة تنمو بمعدلات أعلى من التضخم في الأجل الطويل وهذا ما يفسر أن الأسهم تعطي أداء أفضل مع الزمن.
الفخ الذي يقع فيه المستثمرون الأفراد، أن الضغوط التضخمية تربكهم وتجعلهم يتخذون قرارات بيع دون ترك وقت كاف لنقل الأسعار والتضخم للمستهلكين واستئناف الربح مرة أخرى، لذا هناك أهمية بالغة في التنوع الاستثماري والنظرة الاستثمارية البعيدة، وتلعب نظرة المستثمر قصيرة الأجل في المضاربة أو طويلة المدى للمستثمر دورا حاسما فيما هي الأسهم التي تتعين مراقبتها في فترات التضخم، لكن ما يهمني هنا أن أبين أن التضخم يولد تقلبات سعرية ملائمة للمضارب، أما المستثمر لن يحتاج إلا إلى الوقت والصبر لنقل التضخم إلى المستهلكين من خلال الاحتفاظ بأسهم جيدة، ولتحقيق هذه الميزة يتعين أن تكون متوسطات الشراء قد تمت على فترة زمنية طويلة نسبيا وفي شركات تمتلك إدارة تنفيذية مرنة وفعالة، أما عند تعديل المراكز الاستثمارية لأي سبب في فترات التضخم والناتجة من ارتفاع التكاليف وليس نمو الطلب، فالأسهم التي ترتبط بالتدفقات النقدية العالية تعد خيارا أفضل كإجراء تكتيكي، ولا سيما إذا ما كانت الشركة توزع أرباحا بطريقة منتظمة ولديها منتجات تقاوم التضخم ومبيعات تتغلب فيها على ضعف الأداء الاقتصادي العام.
أخيرا: التضخم ظاهرة طبيعية في الاقتصاد ويمكن تجاوزها من خلال التحوط بأسواق الأسهم للمستثمرين، لأن الدراسات والتقارير وآراء الخبراء وقصص نجاح المستثمرين تعطي دلالات واسعة على أن الأسواق المالية لا تميل إلى توفير التحوط ضد ارتفاع أسعار المستهلكين وتآكل قيمة المال فحسب، بل تحقق الثروة على المدى الطويل وذلك لأن لها قدرة على تجاوز معدلات التضخم، ويعزى ذلك إلى أن أسعار البضائع والخدمات والأسهم متكاملة، والأمر يتكرر حتى في أسواق الدول غير المتطورة، أي: إن صعود الأسعار في الاقتصاد الحقيقي ينعكس في الأسواق المالية ويؤدي إلى تغير نسبي في سعر الأسهم الرأسمالية والعائد على الأسهم وهو ما يفسر العلاقة المتكافئة بين سعر الأسهم والتضخم حتى إن لم يتم كشف أسعار المستهلكين الحقيقية في مؤشرات التضخم الإحصائية التي تصدر بشكل دوري.