انفضّ الفصلُ التشريعيُّ الخامس، وعادت دورةُ الأيامِ ليعيشَ معها المواطنون في البحرين لحظاتٍ وتفاصيل استعدادات الاحتفال بيوم الديمقراطية البحريني المرتقب في الثاني عشر من شهر نوفمبر القادم، يوم الاقتراع للانتخابات النيابية والبلدية، والتي تُعدُّ نتاجًا لما اجتمعت عليه الإرادةُ الملكية السامية وإرادة الشعب، والتي انبثقت من الرؤيةِ والرغبة الملكية الصادقة التي أسست للمشروع الإصلاحي لصاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة ملك مملكة البحرين المعظم.
وإنه لحراكٌ جميل، له ما له وعليه ما عليه، ويهمني في هذا المقال بصفتي مهتمة بالشأن العام ومترشحة في ذات الوقت أن أتطرق إلى موضوعين أرى أنه من واجبي تناولهما وتسليط الضوء عليهما.
الموضوع الأول هو الدورُ الجوهري الذي يقومُ به معهدُ التنمية السياسية في نشر وترسيخ ثقافة الديمقراطية وتعزيز الوعي السياسي ورفع مستواه لدى المواطنين عبر تنظيم العديد من البرامج التدريبية المتخصصة لتهيئة المرشحين وتوعية الناخبين وتهيئة وتثقيف الراغبين في مباشرة الرقابة الأهلية المجتمعية على سلامة الانتخابات، وأوجه تحية شكر وتقدير إلى جميع القائمين على المعهد من أعلى هرم سلّمه الوظيفي إلى قاعدته.
وجدير بالذكر أن كل البرامج التي ذكرتها وغيرها الكثير، قدّمها المعهد مشكوراً للفئات المستهدفة بشكل مجاني، تأصيلاً للثقافة الديمقراطية، كما تنطوي على تحقيق التواصل المباشر بين المتدرب والكفاءات المُدرّبة للاستزادة من الخبرات وكسب المعارف، وهذا يجرّني إلى الحديث عن اللقاء الجماهيري المميز الذي نظمه المعهد بعنوان (تقدم المرأة البحرينية في العمل السياسي) لمعالي الشيخة مريم بنت حسن آل خليفة نائبة رئيسة المجلس الأعلى للمرأة والذي تميّز بالشفافية والقوّة والصراحة، حيث كان أشبه بحديث القلب للقلب الذي أبرز دور القيادة الرشيدة في تعزيز مكانة المرأة البحرينية باعتبارها شريكا أساسيا في التنمية.
ولي شخصياً مع معهد التنمية السياسية تاريخ طويل منذ بدء تأسيسه وإطلاقه برنامج الدبلوم في التنمية السياسية عام 2007 إن لم تخُني الذاكرة، باعتباره باكورة أعمال المعهد والذي تشرفت بالمشاركة فيه ضمن مجموعة رفيعة المستوى من المشاركين الذين شغلوا مناصب عليا مهمة حيوية في البلاد، طابوا وطاب ذكرهم.
أما الموضوع الآخر فإنه يتعلق بأصول مباشرة الدعاية الانتخابية والتي يتم تنظيمها بقرار يصدر من وزير شؤون البلديات والزراعة، فبالرجوع إلى القرار رقم 141 لسنة 2022 بشأن تنظيم الدعاية الانتخابية لانتخابات أعضاء مجلس النواب والمجالس البلدية، نلاحظ أن القرار قد خلا من نص صريح يُحدد تاريخ بدء وانتهاء الدعاية الانتخابية ما أوقع المرشحين في حيرة حتى صدرت فتوى من اللجنة المختصة، ويرجى العمل على تلافي ذلك.
أما الدعاية الانتخابية في ذاتها فمن الواضح أنها بحاجة إلى آلية فعالة للرقابة عليها، إذ إنها يجب أن تُحاط بضوابط تحول دون استحواذ مرشح على المواقع الإعلانية وتحدد الكيفية التي توضع بها هذه الإعلانات، إذ لوحِظ مبالغة بعض المرشحين في نشر الإعلانات الانتخابية بأحجامها المختلفة، بل ووضعها بطريقة تستحوذ على المكان وتعيق المرشحين الآخرين من وضع إعلاناتهم.
وأعلم أن الحمل ثقيل على الأجهزة المراقبة للدعاية الإعلانية ولاسيما هذا العام الذي شهد إقبالاً غير مسبوق على الترشح في جميع المناطق الانتخابية، ولكن يتوجب على الجهات المختصة أن تضع في اعتبارها مثل هذه الاحتمالات وأن تستعد لمواجهتها، ومن المقترح لذلك أن يتم تحديد ضوابط أكثر للحد من فكرة الاستحواذ على المواقع ويتم تعديلها في كل دورة انتخابية وفقاً لتغير الأعداد المشاركة في الترشح، بحيث يُخصص لكل مرشح عدد معين من الإعلانات، كنتيجة قائمة على دراسة جغرافية للمنطقة توضع المواضع الملائمة لوضع الإعلانات وتُقسّم كمواقع إعلانية متناسقة يحظى كل مرشح بعدد متساوٍ منها إعمالاً لمبدأ المساواة.
ومن جانب آخر ندعو الجهات المختصة إلى إعمال الرقابة على أسعار الإعلانات والمطبوعات التي تكون عرضة لتلاعب البعض تتضاعف بشكل مبالغ فيه من دون وجه حق، وأقترح تنظيمها بقرار يوازن بين ربح التاجر وحماية المستهلك بلا ضرر ولا ضرار.
التعليقات