تواجه المجتمعات في جميع أنحاء العالم مخاطر طبيعية متصلة بتغير المناخ وتقلب الطقس سواء بشكلها الطبيعي أو من صنع الإنسان نتيجة التأثيرات الصناعية والاجتماعية والبيئية. حوالي نصف سكان العالم فقط سيكونون قادرين على حماية أنفسهم وأسرهم من تأثير الصدمات الطبيعية أو غيرها من الكوارث. هذا ما تظهره الدراسة الصادرة عن مؤسسة Lloyd)s Register البحثية عبر استطلاع عالمي للمخاطر حول الصمود والمرونة في حالات الكوارث. كما أظهرت الدراسة أنه في حين أن حالة البنية التحتية هي مفتاح هذه المرونة، فإن التماسك المجتمعي (الذي ثبت أنه أحد أهم العوامل) يكون أعلى في البلدان منخفضة الدخل من البلدان ذات الدخل المرتفع.
يقصد بالمرونة على المستوى الفردي، قدرة الأشخاص على التعامل مع الصعوبات في حياتهم، أي القدرة على التعافي من الصدمات بسرعة أكبر، مما يساعد في التخفيف من آثار الكوارث الطبيعية المناخية. هذه المرونة تعتمد على مجموعة من العوامل، بدءًا من السمات الشخصية الفردية والدعم من الأصدقاء والعائلة إلى نطاق المجتمع الأوسع مثل الوصول إلى الفرص الاقتصادية وبرامج شبكات الأمان الاجتماعي.
تضمن استطلاع المخاطر العالمي لعام 2021 مجموعة واسعة من المؤشرات التي تقيس قدرة الأشخاص والمجتمعات على التعامل مع الكوارث الناشئة عن الأخطار الطبيعية وغيرها من أشكال الشدائد بما في ذلك الأمن المالي والدعم الاجتماعي والصحي والتعليمي والوصول إلى البنية التحتية الحيوية كالطرق والظروف الأخرى التي تتحد لتشكل الأساس للقدرة على الصمود. تتضمن الدراسة نتائج حوالي مئة وستين ألف شخص في 121 دولة ومنطقة عبر جميع مناطق العالم.
الأحداث المناخية القاسية الناجمة عن تغير المناخ وجائحة كورونا تسلط الضوء على الحاجة إلى عمل منسق لبناء المرونة بين السكان الأكثر ضعفاً في العالم. ومع ذلك، فإن البيانات العالمية حول العوامل التي تقوم عليها المرونة والتي يمكن استخدامها لبناء أنظمة أفضل حول العالم محدودة، حسب الدراسة. يمكن استخدام النتائج من قبل الحكومات ووكالات التنمية والشركات والباحثين لمساعدتهم على تحديد نقاط الضعف واتخاذ الإجراءات لجعل الناس أكثر أمانًا وسلامة.
على سبيل المثال، فعلى المستوى الفردي يعمل المختصون النفسيون على المساعدة في تعزيز مرونة الأفراد من خلال إعادة صياغة الطريقة التي ينظرون بها إلى الانتكاسات وتوفير أساليب التأقلم للتعامل مع الأحداث المؤلمة. وعلى مستوى الجماعات تهدف التدخلات إلى تحسين الوصول إلى منظمات المجتمع المدني التي تسهل على الناس التواصل ومساعدة بعضهم البعض. على مستوى المجتمع ككل، ينفذ صانعو السياسات برامج شبكات الأمان الاجتماعي المصممة لحماية الناس من الأزمات التي تؤثر على سبل عيشهم أو صحتهم.
على مستوى الفرد والأسرة أظهر الاستطلاع أن 52 % فقط ذكروا أنه يمكنهم فعل ما يحمي أنفسهم أو عائلاتهـم من الكارثة، بينمــا قال 36 % أنه لا يوجد شيء يمكنهم القيام به، وقال 6 % «إن ذلك يعتمد على» نوع الكارثة، وستة في المائة قالوا إنهم «لا يعرفون».
أما من ناحية الأمن المالي، فقال 34 % من الأشخاص إن بإمكانهم تغطية الاحتياجات الأساسية لأقل من شهر إذا فقدوا كل دخلهم، بما في ذلك 12 % قالوا إنهم يستطيعون تغطية الاحتياجات الأساسية لأقل من أسبوع؛ وكانت جنوب آسيا وشمال إفريقيا أكثر عرضة للخطر في حالة فقدان الدخل. ومن ناحية الاتصال عبر الإنترنت فالناس في البلدان منخفضة الدخل يتوفر لديهم (فقط 27 %) أقل كثيراً من البلدان مرتفعة الدخل (91 %).
ومن ناحية التخطيط لمواجهة الكوارث، قالت غالبية الأشخاص في 14 دولة فقط من أصل 121 دولة ومنطقة إن لديهم خطة يعرفها جميع أفراد أسرهم في حالة وقوع كارثة. على مستوى المجتمع، ومن ناحية التكاتف الاجتماعي يعتقد 23 % من الناس في جميع أنحاء العالم أن جيرانهم يهتمون بهم «كثيرًا»، هذه النسبة أعلى في البلدان منخفضة الدخل (35 %) مقارنة بالبلدان ذات الدخل المرتفع (20 %).
على المستوى الحكومي، ومن ناحية البنية التحتية كانت فنزويلا ولبنان، من بين تلك البلدان التي يقول الناس فيها إنهم غير راضين عن ثلاثة أشكال رئيسية من البنية التحتية المحلية: الرعاية الصحية والتعليم والطرق.
ومن ناحية الدعم الحكومي: قال 19 % من الناس حول العالم إن حكومة بلدهم تهتم بهم «كثيراً»، بينما قال 40 % إن حكومتهم تهتم «إلى حد ما» و 37 % «لا تهتم على الإطلاق»؛ أما أكثر من قال إنها لم تهتم بهم على الإطلاق فهي وسط/غرب إفريقيا (56 %) وأمريكا اللاتينية/الكاريبي (55 %).
نظرًا لأن صانعي السياسات ووكالات المعونة الإنمائية والخبراء التقنيين يعملون معًا لتطوير استراتيجيات للتعامل مع الكوارث واسعة النطاق، يقدم هذا الاستطلاع مجموعة جديدة من المؤشرات العالمية التي تساعد في تحديد أولويات التدخل بشكل أفضل لمنع الضرر أو تقليصه، وتقدم رؤى حول مستوى وأنواع التدخلات التي قد تكون مطلوبة بشدة لبناء أنظمة أكثر مرونة، وما الذي ينبغي التركيز عليه: التدخلات الفردية أو المجتمعية أو الإعانة الحكومية، وفقًا لنوع الكارثة وتحديد السكان الأكثر ضعفًا، حسب ما جاء في الدراسة.
التعليقات