ستحتاج الدول التي تسعى إلى إعادة هيكلة ديونها في ظل الإطار إلى قدر أكبر من اليقين بشأن العمليات والمعايير، وإلى أطر زمنية أقصر يمكن التنبؤ بها. ويتعين علينا تحسين العمليات في حالة الدول التي لا يغطيها الإطار. ولدعم أوجه التحسن هذه، يعمل صندوق النقد والبنك الدوليين ومجموعة العشرين برئاسة الهند حاليا مع المقترضين والدائنين من القطاعين العام والخاص، للتعجيل بتنظيم مائدة مستديرة عالمية حول الديون السيادية، حيث يمكننا أن نناقش أوجه القصور الحالية وتحقيق تقدم في معالجتها.

وهذه الخطوات إضافة إلى الإجراءات البراجماتية الأخرى، مثل مواصلة التقدم في تطبيق أحكام التصويت بالأغلبية على القروض السيادية وشروط الديون المتعلقة بالصلابة في مواجهة تغير المناخ، ستساعدنا على تحسين تسوية الديون. وكل ذلك من شأنه أن يسهم في الحد من أجواء عدم اليقين الاقتصادي والمالي، بينما يساعد الدول على العودة إلى الاستثمار في مستقبلها.

ثالثا، تكثيف العمل المناخي، يكتسب العمل الجماعي القدر نفسه من الأهمية في معالجة أزمة المناخ. فقد شهدنا لتونا العام الماضي كوارث مناخية في القارات الخمس، وتكبدت الولايات المتحدة وحدها خسائر بلغت 165 مليار دولار، وهو ما يعكس المخاطر الاقتصادية والمالية الجسيمة الناجمة عن عدم اتخاذ إجراءات لتخفيف الاحترار العالمي.

غير أن العام الماضي حمل في طياته كذلك بعض الأنباء السارة. فالاتفاق خلال مؤتمر الأمم المتحدة للتغير المناخي COP27 على إنشاء صندوق الخسائر والأضرار لمساعدة أضعف الدول، برهان على أن التقدم ممكن إذا توافرت إرادة سياسية كافية. والآن، يجب علينا أن نتخذ مزيدا من الخطوات البراجماتية للحد من الانبعاثات.

وسيركز على اتخاذ تدابير مكافئة في إطار عملية تتسم بالعدالة وتكمل اتفاقية باريس وتعززها. أو لننظر في "شراكات تحول الطاقة العادلة" بين مجموعات من المانحين والدول مثل جنوب إفريقيا وإندونيسيا.

ونحن نحتاج كذلك إلى تكثيف تمويل العمل المناخي لمساعدة الدول الضعيفة على التكيف معه. ويمكن المساعدة على تعبئة مليارات الدولارات للتمويل الخاص من خلال الطرق المبتكرة في استخدام الميزانيات العمومية العامة، مثل ضمانات الائتمان، واستثمار أسهم رأس المال والاستثمار القائم على تعويض الخسارة الأولى.

وبطبيعة الحالة، نحن في حاجة إلى بيانات أفضل عن مشاريع المناخ، فمعايير ومبادئ الإفصاح المنسق ستساعد على ذلك، وكذلك التصنيفات التي تهدف إلى اتساق الاستثمارات مع الأهداف المناخية.

سيواصل صندوق النقد الدولي تقديم الدعم إلى دوله الأعضاء في كل هذه المجالات ـ من خلال المشورة بشأن السياسات وجهود تنمية القدرات وتقديم الدعم المالي.

فمنذ بدء الجائحة، قدمنا 267 مليار دولار في هيئة تمويل جديد. وبفضل الإرادة الجماعية لدولنا الأعضاء، قمنا بتوزيع مخصصات غير مسبوقة من حقوق السحب الخاصة بقيمة 650 مليار دولار، حققت زيادة في احتياطيات الدول الأعضاء. وسمح ذلك لكثير من الدول الضعيفة بالحفاظ على إمكانية الحصول على سيولة، وتحرير الموارد اللازمة ودفعها مقابل الحصول على اللقاحات والرعاية الصحية.

ونحن الآن نساعد الدول ذات الاحتياطيات الأقوى على توجيه حقوق السحب الخاصة التي خصصت لها إلى الدول التي لديها احتياج أكبر. وهذا الإجراء البراجماتي يمكن أن يكون له بالغ الأثر في كثير من الدول. ولدينا حتى هذه الآونة تعهدات بتقديم ما يعادل 40 مليار دولار من حقوق سحب خاصة إلى الصندوق الاستئماني للصلابة والاستدامة الذي أنشأناه حديثا، ما سيساعد الدول منخفضة الدخل والدول متوسطة الدخل المعرضة للمخاطر على معالجة التحديات الهيكلية مثل الجائحة وتغير المناخ. وبعبارة أخرى، نحن نعلم أن القضايا العالمية هي التي تهم بالدرجة الأولى، ونعلم أن مواجهة التشرذم في هذه المجالات الحيوية ضروري للغاية. والتدابير البراجماتية لمكافحة التشرذم قد لا تكون مجرد ضربة سيف بسيطة تقطع العقدة الغوردية المستعصية من التحديات العالمية. غير أن أي تقدم يمكننا أن نحرزه في إعادة بناء الثقة ودفع التعاون العالمي سيكون ضروريا. والمناقشات في دافوس تعد بارقة أمل على قدرتنا على التحرك في الاتجاه الصحيح، وتعزيز التكامل الاقتصادي الذي يحقق السلام والرخاء للجميع.