شهدت المجتمعات على مدار القرون الماضية تطورات تقنية وتكنولوجية سهلت على الأفراد الحياة وجعلتها أكثر راحة، ويمكن اعتبار التكنولوجيا سلاحاً ذا حدين؛ حيث يحتاج الأفراد إلى فهم الطريقة الصحيحة التي يجب اتباعها عند استخدام وسائلها، لأن الكثير من العوامل التكنولوجية ساهمت في إحداث التغيرات الاجتماعية المختلفة بطرق إيجابية وأخرى سلبية، ولكن تبقى الآثار الاجتماعية الإيجابية ذات بعد تأثيري قوي وملموس في الحياة، ويعتبر محفزاً لمزيد من البحث والاكتشاف والاختراع.

فمن أبرز الآثار الإيجابية التي خلفتها التكنولوجيا على المجتمعات هو تحسين وسائل النقل: حيث تم اختراع وظهور الطائرات، والقطارات، والقوارب السريعة، بالإضافة إلى السيارات، والحافلات، التي جميعها مكنت الأفراد من السفر والانتقال إلى وجهاتهم المستهدفة بسرعة وبوقت قياسي مقارنةً مع وسيلة المشي وتسخير المواشي للترحال في العصور القديمة، وتعد وسائل النقل من أهم أساسيات البنى التحتية لأي مجتمع كان. ومن الآثار الإيجابية للتكنولوجيا تحسين وسائل الاتصال: حيث ساهمت في إنشاء أنظمة اتصال أسرع وأكثر كفاءة وجودة من وسائل الاتصال القديمة، فقد شملت أنظمة البريد الإلكتروني، والمكالمات الهاتفية، والتطبيقات المختلفة، عدا عن الشركات العالمية التي تخدم أنظمة الاتصال الرقمي.

ومن إيجابيات التكنولوجيا تحسين عمليتي التعليم والتعلم: فأصبح من السهل تعلم أي لغة أو أي مهارة، كما أتاحت الكتب الورقية بطريقة عرض إلكترونية، بالإضافة إلى بثها العديد من المحاضرات والندوات التي تساهم في تسريع عمليتي التعليم والتعلم، وقد ساعدت العديد من مؤسسات التعليم المختلفة في إنشاء منصات تعليم إلكترونية تغني الطلبة والمعلمين عن الخروج من المنازل أو المكاتب للوصول إليها توفيرًا للوقت والجهد.

ومن أهم الإيجابيات الاجتماعية للتكنولوجيا تحقيق فرص متساوية بين الأفراد: حيث حققت التكنولوجيا المساواة بين الأفراد في المجتمعات، بالإضافة لتحقيق العدالة في تقديم الخدمات، وقللت من الفجوات الاجتماعية فيما بينهم، وقد ساهمت في توفير الصحة والتعليم لأكبر عدد من الأفراد، عدا عن أنها مكنت من إلغاء التمييز بين الموظفين، ووحدت من أنظمة الأجور.

لقد تقدمت التكنولوجيات الرقمية بسرعة تفوق أي ابتكار في تاريخنا وأحدثت تحولاً في المجتمعات، ومن خلال تعزيز الاتصال الإلكتروني وإمكانات الوصول إلى الخدمات التجارية والعامة، بفضل المساعدة التي يقدمها الذكاء الاصطناعي، وتزداد سهولة في الحصول عليها، كما أخذت تبتعد عن الطابع البيروقراطي المرهق، وقد تغيّرت وتطورت البُنى التحتية لكثير من المجتمعات بفعل استخدام التّكنولوجيا الحديثة بشكل كبير، إذ أحدث تبدلاً وتحولاً في مسيرة المجتمعات على الصعد كافة الثقافية والسياسية والاجتماعية؛ لكنه لا بد من الإشارة إلى ضرورة رسم طبيعة العلاقة بين التّكنولوجيا والمجتمعات لضمان اتساق التقنية والحداثة مع قيم المجتمع، والوصول إلى حالة من التكيف الواعي بينهما.

وفي هذا الصدد وفي مدينة الرياض يعقد مؤتمر ليب LEAP الذي يعد أضخم مؤتمر ومعرض تقني يهتم بمستقبل التقنيات ودورها في ازدهار البشرية، حيث أقيمت النسخة الأولى منه في فبراير 2022 والآن يتم عقد النسخة الثانية من المؤتمر من 6 إلى 9 فبراير لعام 2023م. ويأتي تنظيم السعودية لهذا الحدث التقني تأكيدًا وتعزيزًا لمكانتها وريادتها الإقليمية والعالمية من النواحي التقنية والرقمية والابتكارية، وسعيها الحثيث لتحقيق مُستهدفات رؤية 2030 في المجالات التقنية والقطاعات الواعدة.