تحذير رئيس وكالة الطاقة الدولية في 26 أبريل، -ابتزازا واتهاما لأوبك+ التي تسعى إلى المحافظة على توازن سوق النفط العالمي، واستمرار تدفقات النفط- بأنها تخفض إنتاجها من أجل رفع أسعار النفط على المستهلكين والذي سيلحق ضررا بالاقتصاد العالمي ويسرع التحول من الوقود الأحفوري إلى الطاقة النظيفة وإلى السيارات الكهربائية.

إنه تحذير مضلل ويحمل بين طياته أهدافا سياسية ونظرة قصيرة لا تتجاوز منحنى المدى القصير جداً، متجاهلاً الأهم وهو الأثر السلبي على المدى الطويل، من نقص الاستثمارات لإنتاج المزيد من الطاقة الإنتاجية للنفط، وهو الضرر الفعلي الذي يهدد كمية المعروض ويرفع الأسعار في ظل تزايد الطلب العالمي على النفط لعقود مقبلة، إنه تهديد حقيقي لمستقبل الطاقة والتحول السلس إلى الطاقة المتجددة وتهميش للدور الحاسم الذي تقوم به أوبك+.

لذا وبخ الأمين العام لمنظمة أوبك هيثم الغيص في 27 أبريل، رئيس وكالة الطاقة الدولية، قائلا إنه يجب أن يكون "حذرا للغاية" بشأن تعطيل الاستثمار في صناعة النفط التي تعتبر حيوية للنمو الاقتصادي العالمي.

وأضاف، أن هذا التصريح قد يؤدي إلى تقلبات في سوق النفط في المستقبل، وأن أوبك+، لا تستهدف أسعار النفط بل تركز على أساسيات السوق، وما توجيه أصابع الاتهام إلا تشويه لتصرفات منتجي النفط وحلفائهم وستكون نتائجها عكسية، علما أن أسواق النفط العالمية ما زالت تشهد انفصالا كبيرا بين بيانات المخزون وأسعار النفط الفورية والمستقبلية، وهو اتجاه محيرا إلى حد ما في ظل الظروف الحالية.

فمنذ أن تم إنشاء وكالة الطاقة الدولية في 1974 في أعقاب أزمة النفط في 1973 وارتفاع الأسعار إلى مستويات تاريخية، وهي تتعامل مع منتجي النفط بغطرسة وكبرياء وبنظرة سياسية بقصد إرضاء السياسيين والمستهلكين من دول الأعضاء، ولو جاء ذلك على حساب أمن الطاقة وارتفاع أسعارها. وهذا ما أكده تصريح رئيسها الأخير وتحذيره للأوبك+، التي تدرك أكثر منه مخاطر أسواق النفط وانعكاساتها السلبية على العرض والطلب العالمي على النفط، وإلا لما اتفقت على تعديل كمية إنتاجها ليكون في تناغم مع حجم الطلب بما يحدد استقرار الأسواق عند أسعار التوازن وهو الأفضل للمنتجين والمستهلكين على السواء.

إن تخفيض أوبك+ لإنتاجها من النفط طوعا بمقدار 1.66 مليون برميل يوميا، جاء في ظل ضبابية الأسواق وتأخر انتعاش الطلب الصيني ومخاوف الركود الاقتصادي ومع استمرار الفدرالي في رفع أسعار الفائدة. ورغم ارتفاع برنت بـ6.3 % إلى 84.93 دولارا وغرب تكساس بـ6.6 % إلى 80.70 دولارا عند إعلان أوبك+ خفض إنتاجها في 3 أبريل، إلا أن الأسعار تراجعت بعد ذلك واستمرت في تراجعها بعد بدء تنفيذها للخفض في 1 مايو، حيث وصل برنت إلى 75.30 دولارا وغرب تكساس إلى 71.43 دولارا في نهاية الاسبوع الماضي. وهذا يؤكد على أن قرار أوبك+ كان صائباً وهدفه توازن سوق النفط العالمي وليس رفع الأسعار، مما يدحر تحذير وهوس رئيس وكالة الطاقة الدولية.

لقد أصبحت تقارير وكالة الطاقة الدولية وتصريحات رئيسها مضللة وعائقا في طريق المزيد من الاستثمارات لزيادة الطاقة النفطية العالمية والمحافظة عليها، هكذا فقدت الوكالة مصداقيتها والثقة في بياناتها وتنبؤاتها في أوساط خبراء النفط والطاقة، مما دفع أوبك+ للتوقف عن استخدام بياناتها لمراقبة إنتاج النفط العام الماضي.