بعد مقال الأمس عن خطورة ما يحدث في السودان من تسليح المدنيين، كنت أنتوى الحديث اليوم في شأن آخر، ولكن الأحداث المتسارعة هناك، والتي تُنذر بانفجار كبير، دفعتنى دفعًا للاستمرار في التأكيد على الكارثة التي أوشكت على الحدوث على حدودنا الجنوبية.

فبعد التوقيع على اتفاق مع تنسيقية القوى الديمقراطية المدنية في أديس أبابا، الأسبوع الماضى، شددت قوات الدعم السريع التي يرأسها محمد حمدان دقلو، الملقب بحميدتى، على أهمية تلك الخطوة لحل الأزمة في السودان من وجهة نظره.

وقال محمد المختار نور، المستشار لقائد قوات الدعم، التي تقاتل الجيش السوداني منذ أشهر، إن قواته ملتزمة بهذا الاتفاق الذي رفضه عبدالفتاح البرهان، ودعا بعده إلى تسليح المواطنين.

والحقيقة، أكرر من جديد أن دعوة الجيش إلى تسليح المواطنين هى

ومع كل هذا الضجيج في السودان، يبرز صوت هادئ، وذلك مع إعلان «تنسيقية القوى الديمقراطية المدنية (تقدم)» أنها تسعى لتوسيع جبهتها من القوى السياسية الهادفة لوقف الحرب في البلاد، حيث قال العميد مبارك بخيت، القيادى في «تقدم»، أمين شؤون رئاسة «تجمع قوى تحرير السودان»، إن التنسيقية تسعى إلى توسيع جبهتها المدنية لتضم أطرافًا جديدة، في إطار الجهود الرامية إلى وقف الحرب بين الجيش السوداني و(قوات الدعم السريع)، وبناء تحول ديمقراطي حقيقي.

وقد أرسلت الحركة خطابات إلى جهات عدة، من بينها (الحركة الشعبية لتحرير السودان، بقيادة عبدالعزيز الحلو)، و(حركة تحرير السودان)، و(الحزب الشيوعى)، و(حزب البعث)، كما أرسلت خطابات إلى كيانات أخرى، سواء كانت لجان مقاومة أو إدارة أهلية أو مكونات مجتمع مدني، وغيرها من المنظمات، لكى يتم الوصول إلى حد أدنى من الاتفاق، الهدف الأول والأساسي منه هو إيقاف الحرب، ولكن للأسف، وحسب تصريح قيادي الحركة نفسه، لم يصلهم أي رد.

السودان ولاشك يريد مثل هذه التحركات الداخلية، كما أنه يحتاج إلى تحركات من الخارج في محاولة لإيقاف الحرب، بل بالأحرى لإيقاف تداعيات تسليح المواطنين، والذي لاشك ستمتد آثارة السلبية والمدمرة إلى خارج حدود السودان.
وأكرر مرة أخرى أن بعض جماعات الإسلام السياسي حاضر في الطرفين، في أحدهما لأسباب عقيدية، وفي الطرف الآخر لأسباب قبلية. ومتأكد أن كل هذه الأبعاد حاضرة في ذهن من يدير الملف.