يبدو أن كثيراً من الذين يحوزون حاسابات وكاميرات، ومتولعون بتقنياتها، يرون أنهم مؤهلون لأداء ألمع الأعمال الصحفية، لكنهم، يا للبؤس، يؤدونها بنفس الأسلوب الذي يتفاكهون فيه مع ندمائهم في مقاهي المدن و«عواير» الحارات وحراج السيارات المستعلمة.يوجد مقدمو «بودكاست» رائعون، على الرغم من أن كثيراً من الذين انغمسوا في «السوق»، جهلة وغير مهنيين، ولهذا، أحياناً، يقدمون مداخلات وأسئلة سطحية جداً، وبعضها يمكن القول بلا تحفظ أنها «دلاخة»، بل أن أحدهم لم يكتم ضحكات متكررة أثناء الحديث في موضوعات تاريخية جدية لا تثير أي الفكاهة. وهذا هطل مبين، حتى أن الضيف شعر بعباطة مقدم البرنامج أو قل بـ«درباويته»، وتجاهل وصلاته الساذجة وواصل الحديث.ومقدم برنامج آخر، من «المتصدرين» كان، طوال مقابلة مهمة وضيف مهم، «يهز رجليه»، ويقدم مداخلات ضعيفة، تدل على ضعفه المهني، واستخفافه بهذه المهمة العظيمة. وعادة الذي يهز رجليه يسرح في الخيال في تصورات أخرى، بينما المهنية تفرض على مقدم برامج المقابلات أن يكون منتهباً ومتيقظاً لكل كلمة يقولها الضيف، حتى الإيماءات ولغة الجسد، لأنها جزء من التعبير والمعلومات، كي يقدم حواراً معرفياً ثرياً متكاملاً وماتعاً. لو أني مدير «بودكاست» لطلبت من «الهزاز» أن يستريح في منزله ليهز كيف شاء، بعيداً عن عالم الإعلام. فالإعلام مهمة المبدعين الألمعيين، وليس وظيفة من لا وظيفة له وإن بدا كذلك.
وخلت تلك من نوائب الموضات الجديدة و«خشاشها»، لكن ما يجعل الليل طويلاً؛ اهتمام مروجي عروض «الشو» بهؤلاء وإضفاء الهيبة الإعلامية الصحفية عليهم، وتقديمهم على أنهم محترفو «الإعلام الجديد» يجعل البلاء مقيماً ما أقام عسيب. لأن «بودكسات» مجرد وسيلة تقنية جديدة للإعلام وليست تغييراً مهنياً، وتبقى المتطلبات الصحفية الاحترافية القديمة، هي نفسها التي يتعين أن يتحلى بها الإعلاميون والصحفيون الجدد وفي كل زمان، فهي ثوابت مهنية وليست متغيرات وسائل.
وتر
غيلان شادي الدهناء الطروب،
يجوب المرابع العظيمة
يغني للواحات الخضر
وظباء هضاب المفاوز
وجمهور حزوى ووجه مي الصبوح..