فكرت هذا الأسبوع فى الكتابة عن الإبادة العرقية للشعب الفلسطينى والشعب السودانى، بعد دمار سوريا وانقسامات العراق وانهيار لبنان والفوضى فى ليبيا، وتحديات التنمية فى مصر وتونس، وما يظهر من تدخل الموساد فى بعض دول المنطقة، ناهيك عن انقسام اليمن، وآثار التوتر القائم عند باب المندب وتأثير ذلك على قناة السويس.

وفكرت فى الكتابة عن السنوات الست القادمة على مصر بعدما قرأت خطة الحكومة للخروج من الأزمة الاقتصادية التى تعانى منها البلاد، وكنت أظن، حيث إنه لابد أن هناك حكومة جديدة فى فترة رئاسة ثالثة لرئيس البلاد، فإنها ستضع خططًا وحلولًا مختلفة، وبدا لى- وأرجو أن أكون مخطئًا- وكأن السنوات القادمة ستظل تسير بنفس النهج.

فكرت فى الكتابة عن القرار غير المفهوم وغير المبرر الذى صدر فجأة يوم 31 ديسمبر، وتم تطبيقه أول يناير، والذى لا يسمح للابن أو الابنة تحت 18 سنة بالسفر وحدهما ولا حتى مع أمهما ولا جدهما إلا بعد إصدار تصريح لهما من جهات أمنية يستخرجه الوالد فقط بالذهاب بنفسه إلى العباسية ويتسلمه فى اليوم التالى.

من العبقرى الذى كان وراء قرار مثل هذا؟! الذى لابد وراءه قصة، وفجأة قرر أولو الأمر معاقبة كل المجتمع عليها، وتساءلت: لماذا لا يتم ذلك باستخدام التكنولوجيا «أون لاين» بدلًا من أن يتكدس الناس للحصول على إذن لسفر أولادهم تحت 18 سنة، إن كان وراء هذا القرار فلسفة ما خفية عنا.

أنا أذكر هذا القرار لأنى لمست بنفسى الغضب من أمهات عدن من المطار بعد استكمال إجراءات سفر أولادهن يوم واحد يناير، والغضب من الاضطرار للوقوف فى زحام مكان إصدار التصريح فى العباسية، والسخط على الحكومة التى تتلذذ فى عكننة الناس.

ولكنى قررت الارتفاع فوق ما هو محلى وإقليمى إلى ما هو دولى يمس البشرية كلها، وسألت نفسى: ماذا لو انهارت أمريكا (وأقصد الولايات المتحدة الأمريكية)، بعد وقوعها فريسة فى يد الصهيونية؟ من سينقذ هذه الدولة العملاقة من الاحتلال الإسرائيلى لحكومتها، بعد اختراق مؤسساتها الحاكمة محافظة كانت أم ديمقراطية؟

تعالوا نقرأ أحداث التاريخ ونحلل الواقع ونَرَ المستقبل المحتمل.
أبدأ بكتاب كان قد سُحب من المكتبات الأمريكية!! يستحق القراءة والتأمل للمؤلف جين جاردنر، وهو صحفى ومقدم أخبار أمريكى، كان مقتنعًا ومدافعًا عن إسرائيل، إلا أنه قد تراجع عن هذا الموقف بعدما اتضحت أمامه الحقائق، وهذه ترجمة دقيقة لبعض الفقرات من الكتاب.

يتساءل الكاتب، وأنا معه، ما الذى جعل اليهود مُحتَقَرين عبر التاريخ؟.. فلو كانوا بالفعل «مختارين من الله» لكان يجب أن يكونوا أكثر الناس حظًا فى تاريخ العالم!!.

لماذا تعرضوا للاضطهاد عبر التاريخ؟ ولماذا حشدهم النازيون فى عربات الماشية، وأخذوهم إلى «معسكرات الإبادة» للتخلص نهائيًا من «المشكلة اليهودية»؟

أدرك الكاتب أنه إذا كان هتلر قد طور «حلًا نهائيًا للمسألة اليهودية»، فلابد أنه كانت هناك «مشكلة يهودية من الأساس».

تصرف الألمان تصرفًا غير إنسانى بالقضاء على اليهود، وإبادة الشعب كله، واليوم يقفون مع نفس من كانوا يريدون إبادتهم مناصرين لإبادة الشعب الفلسطينى بواسطة أعداء الأمس.

أليس هذا عجيبًا؟!

فكرت فيما فعله المستوطنون الأوروبيون فى الشعب الذى كان يقطن شمال القارة الأمريكية، وإنهاء وجودهم، وربطت بين فلسفة الإبادة العرقية والتعصب وبين أحداث غزة، ومن يقف مساندًا إسرائيل.. ويبدو أن الأمر ليس لقطة فى حياة البشر بل هو استمرار لعقيدة تعالى بعض البشر على غيرهم، وتأكيد أن من حق الأقوى عسكريًا أن يبيد الأضعف.

وأرجع إلى موقف ألمانيا مع اليهود، وموقف أكثر من 79 دولة عبر التاريخ الحديث من طرد اليهود خارج أوطانهم، هل تصرَّفَ اليهود بأى شكل من الأشكال بطريقةٍ جعلت الدول التى أقاموا فيها تنحاز ضدهم.. أم أنهم مجرد ضحايا أبرياء؟!.

شرع الكاتب كما نفعل كلنا فى العثور على إجابات للأسئلة عبر التوجه بشكل أساسى إلى الإنترنت، ولكن أيضًا من خلال قراءة كتب مختلفة حول هذا الموضوع.

يقول الكاتب: «لم أكن أعرف أن العديد من الادعاءات التى قدموها حول الهولوكوست كانت فى الواقع مزيفة. أى أن الكتب التى قرأتُها والأفلام التى شاهدتها عن (المحرقة)، وبكيتُ لأجلها، لم تكن سوى محاولات مستترة لكسب تعاطف لا يتزعزع مع دولة إسرائيل، وعذرًا لابتزاز مليارات الدولارات من ألمانيا والغرب».

ويقول أيضًا: «أُصبتُ بالصدمة والرعب عندما علمت بمعاملة الشعب الفلسطينى فى الأراضى المحتلة على يد قوات الدفاع الإسرائيلية والمستوطنين اليهود، ومع ذلك تزعم إسرائيل أنها الديمقراطية الوحيدة فى الشرق الأوسط، لكنها ديمقراطية لليهود فقط حيث لا يعتبر غير اليهود متساوين معهم».

«تعلمتُ عن أدوارهم فى الحركة الجنسية المِثليّة المتطرفة، والحركة النسوية الراديكالية، وصناعة المواد الإباحية، بالإضافة إلى إسهامهم المفرِط فى تشجيع وإتاحة عمليات الإجهاض لغير اليهود».

«اكتشفتُ دوْرَهم فى الجريمة المُنظَّمة وتجارة الرقيق وحركة الحقوق المدنية والماسونية».

«قرأتُ عن كراهية الملتزمين بالتلمود البابلى لغير اليهود، وعدم احترامهم التامّ للسيد المسيح ومريم العذراء والمسيحية والمسيحيين بشكل عام، وحقائق قتلهم المسيح نفسه».

«لقد تعلّمتُ عن (الوقاحة) فى ادعائهم أن حياة الأمم لا تساوى أكثر من حياة حيوانات الفناء، ولكنهم يعتبرون أن حياة اليهود أقرب إلى الله نفسه، فلا بأس أن تسرق من غير اليهود أو أن تقتل أحد الأغيار، لكن حياة اليهود مُقدّسة».

«علمتُ بسيطرتهم على غالبية الثروة ووسائل الإعلام والأوساط الأكاديمية على الرغم من أنهم يشكلون أقل من 2٪ من السكان فى الولايات المتحدة، وأقل من ذلك بكثير من تعداد البشرية، فهم 18 مليونًا من 8 مليارات نسمة».

ويكمل الكاتب قائلًا: «إنهم وراء حركة تشريع جرائم الكراهية التى تمت صياغتها لإسكات كل من قد يكشفُ أجندتهم ويحاول تسليط الضوء عليها».

وأزيد أنا قائلًا إنهم هم الذين يسيطرون على السياسة الخارجية للشرق الأوسط لأقوى دولة فى العالم، الولايات المتحدة الأمريكية. هم الذين يسيطرون على الكونجرس ومجلس الشيوخ والرئيس!!. ولديهم مثل هذه السيطرة فى الأفلام والتليفزيون، لدرجة أننا نتعرض الآن لبرامج لا نهاية لها وأفلام هوليوود التى تسخر وتحُطّ من قدْر الأسرة التقليدية.

بعد التفكير الرصين فيما اكتشفته عن السيادة اليهودية والصهيونية، كان علىَّ أن أتخلى عن كل مفاهيمى السابقة فيما يتعلق بتاريخ الاضطهاد اليهودى، أما ما أجد صعوبةً فى فهمه، فهو سبب استمرارهم فى هذا السلوك فى أى مجتمع يعيشون فيه، مع العلم أنهم فى نهاية المطاف سوف يبالغون فى لعبهم وسيظهر غدرُهم مرة أخرى، ويبدو أن التاريخ لم يُعلمهم شيئًا؟!

مع إدراك المزيد والمزيد من الناس لما يجرى، ومَن المسؤول عنه، والذى كشفت عنه حرب الإبادة للشعب الفلسطينى فإن الغضب سوف يتصاعد والرؤية ستتكشف.

تحليلى وخشيتى أن سقوطهم هذه المرة قد يأخذ معه الإمبراطورية الغربية، فقد أصبحوا عمودها الفقرى ماليًا وسياسيًا وثقافيًا.

إن انهيار الاتحاد السوفيتى ووقوع العالم تحت هيمنة قوة هادرة واحدة أدى إلى الغرور والديكتاتورية الدولية للولايات المتحدة، وكل ديكتاتورية لا توازنها قوى أخرى آيلة إلى السقوط.. هذا درس التاريخ على مستوى الدول وحكوماتها والمستويين الدولى والإقليمى.

بدون توازن دولى قوى يحدث الانهيار، فما بالك إذا أخل بهذا التوازن صهيونية متعصبة وحُكم «سلفى» يعتمد على التلمود والكتاب المقدس لديهم، ويتملك المجتمع الأمريكى متعدد الثقافات، والذى ينفق كدافع ضرائب وبدون أن يدرى على اليهود الذين عادوا بعد طردهم ليتحكموا فيه.

إن تعريف السلفية واحد فى كل الديانات، وهو الاعتماد على منهج من سبقوا بدون تفكير ولا تعديل، بعوائدهم وفلسفتهم شكلًا وموضوعًا، ولا يختلف فى تقديرى تعصب السلفى اليهودى عن السلفى المسيحى أو المسلم، فهم أقرب لبعضهم من معتنقى هذه الديانات أنفسهم.

سؤالى هو: من الذى سينقذ الشعب الأمريكى؟ وكيف؟

الحقيقة أن العالم كله من مصلحته إنقاذ أمريكا من أيدى المحتل الإسرائيلى الصهيونى، فهو لن يتوانى عن أن يفعل بالشعب الأمريكى وبباقى البشرية ما يفعله الآن مع الشعب الفلسطينى إذا تملك مفاصل أكبر قوة عسكرية اقتصادية فى العالم الآن.

حقيقة.. هذه دعوة لإنقاذ الولايات المتحدة الأمريكية.