تُعرف الدبلوماسية بأنها فن وعلم ووسيلة تدير بها الدولُ شؤونَها على نحو معين لحماية مصالحها ولتعزيز العلاقات السلمية مع الدول الأخرى وتعزيز علاقاتها السياسية أو الاقتصادية أو الثقافية أو العلمية.. مع هذه الدول. والغرض من الدبلوماسية هو إدارة العلاقات الدولية من خلال الحوار والتفاوض لتعزيز العلاقات البنّاءة بين الدول. وهناك العديد من أنواع «الدبلوماسية» والتي تتضمن على سبيل المثال الدبلوماسية العامة، والدبلوماسية الاقتصادية، والدبلوماسية الثقافية، ودبلوماسية العلوم، والدبلوماسية السيبرانية، ودبلوماسية الطاقة، ودبلوماسية التعليم، والدبلوماسية الصحية، والدبلوماسية الرياضية.. إلخ. لكن مع دولة الإمارات العربية المتحدة يشهد العالمُ نوعاً آخر من الدبلوماسية هو «الدبلوماسية الإنسانية».
فقد حرصت دولة الإمارات منذ تأسيس اتحادها في عام 1971 تحت قيادة المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، على إرساء مفهوم الدبلوماسية الإنسانية التي تركز على مجالات ذات أولوية تشمل محاربة الفقر ومكافحة الأمراض والأوبئة والعناية بالأمومة والطفولة، بالإضافة إلى البرامج القطاعية في العديد من الدول النامية، مثل النقل والبنية التحتية وتعزيز فعالية الحكومات وتمكين المرأة.
وفي هذا الإطار، تنقسم المساعدات الخارجية المقدمة من دولة الإمارات إلى ثلاث فئات رئيسية هي: المساعدات التنموية، والمساعدات الإنسانية، والمساعدات الخيرية. وفي الوقت ذاته، تعمل حكومة الإمارات دائماً على عدم ربط المساعدات الإنسانية التي تقدمها بالسياسات الخارجية للدول المستفيدة منها، ولا بأي اعتبارات أخرى مثل الموقع أو العرق أو اللون أو الطائفة أو الديانة.. إلخ، وذلك لأنها تهدف أولاً وأخيراً إلى تحقيق المرامي الإنسانية التي تنحصر في احتياجات الشعوب، أي القضاء على الفقر والجوع وإنشاء مشاريع تنموية لكل مَن يحتاجها.
وتمثل هذه الدبلوماسية الإنسانية لدولة الإمارات ترجمةً فعلية لثقافة التسامح والتعايش التي تتبناها الدولة. كما تساهم هذه الدبلوماسية في إقامة علاقات مع الدولة المتلقية بغية التعاون من أجل تحقيق أهداف التنمية المستدامة تأكيداً لالتزام الإمارات بسياستها الخاصة بالمساعدات الخارجية في الفترة بين عامي 2022 و2026، وهي سياسة تركز على توفير الدعم لتحقيق أهداف التنمية المستدامة السبعة عشر الواردة ضمن خطة 2030 للتنمية المستدامة.
ومن أبرز تلك الأهداف العمل على توفير الطاقة النظيفة بأسعار معقولة، ودعم التعليم الجيد، وتعزيز الصحة الجيدة والرفاه، وتطوير الصناعة والابتكار، وتوفير العمل اللائق، ونمو الاقتصاد، وعقد الشراكات البناءة، وإقامة السلام والعدل، ومواجهة التغير المناخي. وتتسق الدبلوماسية الإنسانية لدولة الإمارات مع الشراكة الاستراتيجية التي أسستها مع الأمم المتحدة عبر مجموعة من البرامج والمبادرات تحت مظلة المساعدات الإنسانية العالمية والسلام والأمن والمناخ والشراكات من أجل عالم أفضل. ومن الدلائل المهمة على هذا النهج الدبلوماسي الإنساني لحكومة الإمارات، تأكيد سمو الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان، وزير الخارجية، مؤخراً، على دعم الدولة القوي لوكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا).
وبذلك تستمر الدولة في دبلوماسيتها الإنسانية الرامية إلى استمرار الالتزام العميق بدعم الشعب الفلسطيني الشقيق وترسيخ موقفها الثابت حول حقوق اللاجئين الفلسطينيين. تلك هي الدبلوماسية الإنسانية التي شرعت فيها حكومة الإمارات منذ قيام الدولة، والتي تلقى قبولا واسعاً على مستوى شعوب العالم لما يلمسونه من بصمات إنسانية تضعها الإمارات في مختلف قطاعات الحياة لتحقيق الرفاه الاجتماعي والاقتصادي.
* باحث إماراتي
- آخر تحديث :
التعليقات