في خضم الصراع الذي تخوضه منظمة الذكاء الاصطناعي المفتوح دفاعاً عن الخط الوهمي الذي يفصل بين شؤونها الربحية وغير الربحية، تسمع خطوات المبادرين الجدد الذين يخرجون من معاملها، حاملين أغراضهم في صناديق كرتونية صغيرة متجهين نحو معاملهم الجديدة في طريقهم الخاصة فاتحين اتجاهات جديدة لهم وللعالم.

أنشأ ثلاثة من موظفي الذكاء الاصطناعي المفتوح شركتهم الجديدة مؤخراً بعد حصولهم على تمويل بقيمة 200 مليون دولار لينقلوا تجربة النماذج اللغوية الكبيرة إلى المستودعات والمصانع. لطالما كان السؤال الملح حول جدوى تقنيات الذكاء الاصطناعي المفتوح التي تبدو مفتوحة على كل الاحتمالات ولا تخدم غرضاً محدداً بعينه، لذلك جاءت الشركة الجديدة (كوفارينت) لتجيب عن ذلك السؤال.

مقارنة بالشركة الجديدة، يبدو الذكاء الاصطناعي المفتوح غابة من التعقيدات. مؤخراً، أثار متابعون على مواقع التواصل الاجتماعي زوبعة من الشكوك حول ممارسات مؤسسيها التي توحي بالتزامهم بسلسلة ممنهجة من التضليل الإعلامي. يقول أحد المعلقين: يعطيك مؤسسو الذكاء الاصطناعي المفتوح درساً في الطريقة الأمثل لعدم الإجابة عن سؤال بدهي من المتوقع أن تكون مستعداً للإجابة عنه في لقاء مفتوح.

بعيداً عن ضوضاء شركتهم السابقة، يعمل مؤسسو (كوفارينت) على تطويع تقنيات النماذج اللغوية الكبرى لتوظيفها لخدمة الروبوت، بحيث يتخاطب الإنسان مع الآلة كما لو يتخاطب مع برنامج الدردشة. يضع رئيس مبرمجي الشركة الحاسب المحمول ليعطي تعليماته الدقيقة للروبوت: انقل المكعب الأزرق من الصندوق (ج) إلى الصندوق (ب). يقول بيتر أبيل، الأستاذ في جامعة بيركلي وأحد المؤسسين، جمعنا بيانات لغوية ومرئية كبيرة على مدى السنوات الماضية، لتوظيف القدرات اللغوية والبصرية للوصول إلى درجة متقدمة من التواصل والتحكم في الآلات.

الوضوح الذي يبدو نقطة انطلاق للشركة الناشئة الجديدة، يقابله ما يحيط بتقنيات الذكاء الاصطناعي المفتوح من ضبابية، صحيح أن الشركة استطاعت حتى الآن أن توظف تقنياتها لعموم المستخدمين مزاحمة بذلك الشركات الكبرى مثل: غوغل، لكن اتساع نطاق التقنية يمثل تحدياً فتح المجال لظهور شركة مثل: (كوفارينت) بهدف واضح ونموذج عمل محدد. فهل ظهور الذكاء الاصطناعي المفتوح مع تأرجحها بين نموذج الربحي واللاربحي سيؤدي بها إلى مشكلات قانونية يصعب تجاوزها، بينما ينجح غيرها بالتقنية نفسها لوضوح هدفها منذ البداية؟

يمتد تأثير (كوفارينت) إلى ما هو أبعد من عمليات المستودعات، مع التطبيقات المحتملة في التصنيع والخدمات اللوجستية وما بعدها. تقدم تقنية الشركة لمحة عن مستقبل قريب يمكن أن تلعب الروبوتات دوراً حاسماً في مواجهة تحديات نقص العمالة والحاجة إلى ممارسات مستدامة في الصناعات في جميع أنحاء العالم.

مع استمرار (كوفارينت) في دفع حدود الذكاء الاصطناعي والروبوتات، فإن عملها يعزز القدرات البشرية بكفاءة لم يكن تصورها ممكناً. مزيج الأبحاث المتقدمة والتطبيقات العملية، لن يشكل مستقبل الروبوتات فحسب، بل يعاد تعريف العلاقة بين البشر والآلات أيضاً.