هناك مثل شعبي يقول «ما أسهل الحرب على المتفرجين»، وربما ينطبق هذا المثل على الذين يتبرعون بالتنظير المجاني السطحي في قضايا جوهرية مثل العمل والتوظيف والبطالة، بينما هم لم يواجهوا في حياتهم هذه المشكلة، إما لأنهم حصلوا على وظائف بسهولة وأصبحوا في مراتب عالية تضمن لهم رفاهية الحياة وترف الكلام، أو أنهم لم يكونوا يوماً بحاجة إلى وظيفة بسبب انتمائهم لأسر ثرية تدير الملايين، ولا يعرفون بأي حال ماذا تعني معاناة البحث عن لقمة العيش عن طريق أي وظيفة معقولة مستمرة، وليست امتهاناً لتحصيل وتخصص وشهادة وتعب من يبحث عنها.

هؤلاء الذين ينظّرون من فضاء بعيد عن الواقع الذي يعيشه الشباب الباحثون عن العمل ليس مطلوباً منهم أن يقحموا أنفسهم في هذه القضية المهمة المعقدة دون أن يكلفوا أنفسهم فهم كل تفاصيلها وجوانبها وحيثياتها وأسبابها، ولا يجوز لهم إضافة المزيد من الآلام النفسية للشباب العاطلين من حاملي المؤهلات باتهامهم بالنرجسية والتعالي، فقط لأنهم يبحثون عن وظائف تليق بمؤهلاتهم وطموحهم في حياة كريمة، فهذه المشكلة يجب أن تترك للمتخصصين في هذا المجال الذين يملكون المعرفة والوعي بها، وللجهات المسؤولة عنها، التي يجب عليها وضعها على رأس قائمة أولوياتها، لكونها قضية وطنية رئيسية لها تبعات في غاية الأهمية.

كما يجب على وسائل الإعلام عدم فتح هذا الملف الحساس مع أشخاص لا يفقهون فيه، وإتاحة المجال لهم لتناوله بشكل هزلي وطريقة سطحية، لأن ذلك يؤذي شبابنا ولا يصب في مصلحة الوطن.