الحديث عن الإدارة في المملكة حديث عن مسيرة إرادة دولة سلكت طريق التعليم والتدريب وامتلكت القدرة على التكيف مع المستجدات والتطورات في عالم الإدارة. قصة ذات فصول متعددة بدأت بأساليب بسيطة وتنقلت من مرحلة إلى أخرى بحثاً مستمراً عن الأفضل.

يمكن القول إن المملكة من أكثر الدول قدرة على التكيف السريع مع التطورات في مفاهيم وممارسات الإدارة، وقد تسارعت وتيرة التكيف مع انطلاق رؤية 2030.

قصة مسيرة الإدارة في المملكة يبرز فيها الحدث الأهم وهو توحيد المملكة على يد الملك عبدالعزيز -يرحمه الله- حيث وضعت هذه الوحدة الأسس السياسية والأمنية والإدارية والاجتماعية لمستقبل التنمية الشاملة وتضمن ذلك الهيكلة التنظيمية للدولة ومن أبرز أسسها إنشاء مجلس الوزراء وما تبع ذلك من تنظيمات منها إنشاء مجلس الشورى، ومجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية، إضافة إلى لجان استشارية ومجالس متخصصة. كانت الإدارة في المملكة في بداياتها كغيرها من الدول تتسم بالهيكلية التنظيمية البسيطة، وبالإجراءات الطويلة وبطء الإنجاز ووسائل التواصل البدائية والمركزية وأساليب التوثيق التقليدية، ونقص الكفاءات الوطنية. كان التدريب المتاح للموظف الحكومي يتضمن برامج تأسيسية مثل مبادئ الإدارة ومبادئ السكرتارية، وكان التدريب - كمثال - على الآلة الناسخة ضماناً للوظيفة، وكان معهد الإدارة العامة هو الجهاز الوحيد لتدريب موظفي الدولة، وساهم بدور ريادي في مشروع التنمية الإدارية، وقام بدور مهم في أمانة الإصلاح الإداري والبحوث الإدارية والاستشارات ولا يزال ينتظر منه الكثير بما يواكب رؤية 2030. الحديث عن الماضي الإداري في المملكة يتضمن تفاصيل كثيرة عن أساليب العمل ووسائل التواصل والتنظيم الإداري واتخاذ القرارات، وكيف انتقلت الإدارة من خلال طريق التعليم والتدريب إلى إدارة تضمنت التكيف مع مفاهيم وممارسات حديثة متطورة تتفق مع متطلبات تنموية طموحة ما أدى إلى اتخاذ خطوات تطويرية متتابعة منها ما يلي:

  • إيجاد وتحديث الأنظمة في المجالات المختلفة وكان أحدثها صدور النظام الجديد للتأمينات الاجتماعية.

  • التطور في تنظيم وإدارة الحج والعمرة.

  • تطوير القضاء، وتطوير الأنظمة التشريعية وإحداث أنظمة جديدة لترسيخ مبدأ العدالة منها مشروع نظام الأحوال الشخصية، ومشروع المعاملات المدنية، ونظام التكاليف القضائية، ونظام التنفيذ أمام ديوان المظالم.

  • تطوير القوى البشرية عن طريق التعليم والتدريب داخل وخارج المملكة.

  • تعزيز دور وصلاحيات الإدارة المحلية.

  • تحديث الهياكل التنظيمية.

  • تعزيز مبدأ الحوكمة.

  • تطوير تنظيم الفعاليات والمعارض والمؤتمرات.

  • حماية النزاهة ومكافحة الفساد.

  • استثمار التقنية في تطوير العمل الإداري والخدمات.

  • إيجاد بيئة قانونية تتفق مع أهداف الرؤية ومشاريعها.

  • تعزيز مشاركة المرأة في مشاريع التنمية المختلفة.

  • تعزيز مبادئ التخطيط الاستراتيجي والعمل المؤسسي وتقييم الأداء، والشفافية.

  • دعم المبادرات والأفكار الإبداعية.

  • الاهتمام بتطوير بيئة العمل.

  • إنشاء أجهزة جديدة، وهيئات حكومية لتحقيق التكامل وتطبيق الحوكمة بما يساهم في تحقيق الأهداف الاستراتيجية.

    هناك جانب مهم جداً في منظومة التنمية الإدارية حقق تقدماً ملحوظاً وهو الجانب المتعلق بالسلوك الإداري والمهارات الناعمة بشكل عام وهو ما يعكس تطوراً في الثقافة الإدارية والقيم السائدة في المجتمع.

    تلك بعض الملامح لمنظومة التنمية الإدارية في المملكة التي تركز على تحقيق التكامل بين قطاعات الدولة المختلفة كي تصل إلى الكفاءة التي تتفق مع طموحات الأهداف الاستراتيجية للمملكة في كافة المجالات. وسوف يستمر التطوير استناداً إلى التقييم الشامل المستمر للأنظمة والهيكلة والأداء والنتائج بوجود المركز الوطني لقياس أداء الأجهزة العامة الذي يكتسب أهميته كونه يرتبط تنظيمياً برئيس مجلس الوزراء، إضافة إلى مشاركة أجهزة أخرى متخصصة تتكامل جهودها لتحقيق تنمية إدارية شاملة تقود مسيرة التنمية المستدامة التي تتفق مع مكانة المملكة المميزة بين الدول المتقدمة.